وأما فهذه المقدمة ليست ضرورية فطرية باتفاق العقلاء، بل من يدعي صحة ذلك يقول: إنها لا تعلم إلا بالنظر الخفي، ومن ينازع في ذلك يقول: إنها باطلة عقلا وسمعا، ويمثل من مثل بها في أوائل العلوم الكلية لقصوره وعجزه، وهو نفسه يقدح فيها في عامة كتبه. قول القائل: «كل متحرك محدث، أو كل متحرك ممكن يقبل الوجود والعدم»
وأما فإن أراد بالتغير ما يعرف من ذلك في اللغة، مثل استحالة الصحيح إلى المرض، والعادل إلى الظلم، والصديق إلى العداوة، فإنه يحتاج في إثبات هذه الكلية إلى دليل. قوله: كل متغير محدث أو ممكن
وإن أراد بالتغير معنى الحركة، أو قيام الحوادث مطلقا، حتى تسمى الكواكب حين بزوغها متغيرة، [ ص: 113 ] ويسمى كل متكلم ومتحرك متغيرا، فهذا مما عليه إقامة الدليل فيه على دعواه.