وأما حتى يقال: إنها ممكنة قابلة للوجود والعدم، بل هذا الذي قدر أنه موجود بغيره إذا لم يلتفت إلى غيره فلا حقيقة له أصلا: لا وجود ولا غيره، ولا هناك ما يكون ممكن الوجود أصلا. إذا كان لا شيء في الخارج إلا الموجود: إما بنفسه وإما بغيره، فالموجود بغيره إذا التفت إليه من غير التفات إلى غيره، فلا ذات له يمكن الالتفات إليها،
فهذا التفسير لا يصح الاستدلال به إلا بعد إثبات ذات محققة في الخارج، مغايرة لما هو في الخارج من الوجود، ولما لم يثبت هذا القسم كان الاستدلال باطلا. [ ص: 339 ]
وإذا قيل: قد قرر هذا في غير هذا الموضع.
قيل: الجواب من وجهين:
أحدهما: أنه قد بين أيضا في غير هذا الموضع فساد ما ذكره.
الثاني: أنه بتقدير أن يقرره، فلا ريب أن هذه المقدمة مما ينازع فيه كثير من العقلاء، بل أكثرهم، وهي مقدمة خفية تحتاج إلى بيان.
ومتفلسفة الأشعرية كالرازي حائرون فيها، والآمدي فالرازي له فيها قولان، متوقف فيها، وأهل الإثبات قاطبة والآمدي وغيره متفقون على بطلانها، فكيف تكون مثل هذه المقدمة في إثبات واجب الوجود، الذي وجوده أظهر وأعرف من هذه المقدمة؟! وهل الاستدلال على القوي بالضعيف إلا كتحديد الجلي بالخفي؟! وهذا إذا كان في الحدود مردودا فهو في الأدلة أولى بالرد. كالأشعري