واحتج المعتزلة بأنه لو كان مقدورا لهما للزم إذا أراده أحدهما وكرهه الآخر، مثل أن يريد الرب تحريكه ويكرهه العبد: أن يكون موجودا معدوما، لأن المقدور من شأنه أن يوجد عند توفر دواعي القادر، وأن يبقى على العدم عند توفر صارفه، فلو كان مقدور العبد مقدورا لله لكان إذا أراد الله وقوعه وكره العبد وقوعه لزم أن يوجد لتحقق الدواعي، ولا يوجد لتحقق الصارف، وهو محال.
وقد أجاب الجبرية عن هذا بما ذكره الرازي، وهو: أن البقاء على العدم عند تحقق الصارف ممنوع مطلقا، بل يجب إذا لم يقم مقامه سبب آخر مستقل، [ ص: 83 ] وهذا أول المسألة، وهو جواب ضعيف، فإن وهذا يمتنع وجوده من العبد في هذه الحال، وما قدر وجوده بدون إرادته لا يكون فعلا اختياريا، بل يكون بمنزلة حركة المرتعش، والكلام إنما هو في الاختياري، ولكن الجواب منع هذا التقدير، فإن ما لم يرده العبد من أفعاله يمتنع أن يكون الله مريدا لوقوعه، إذ لو شاء وقوعه لجعل العبد مريدا له، فإذا لم يجعله مريدا له علم أنه لم يشأه، ولهذا اتفق علماء المسلمين على أن الكلام في فعل العبد القائم به إذا قام بقلبه الصارف عنه دون الداعي إليه، لأنه لما لم يفعله علم أن الله لم يشأه، إذ لو شاءه لفعله العبد، فلما لم يفعله علم أن الله لم يشأه. الإنسان لو قال: والله لأفعلن كذا وكذا إن شاء الله، ثم لم يفعله أنه لا يحنث؛