قال: "ولا يغفلن عاقل عن مذهب السلف وظهور القول في حدوث الحروف فإن له شأنا، وهم يسلمون الفرق بين القراءة والمقروء والكتابة والمكتوب، ويحكمون بأن القراءة التي هي [ ص: 321 ] صفتنا وفعلنا، غير المقروء الذي ليس هو صفة لنا ولا فعلنا غير أن المقروء بالقراءة قصص وأخبار وأحكام وأمر، وليس المقروء من قصة آدم وإبليس هو بعينه المقروء من قصة موسى وفرعون، وليست أحكام الشرائع الماضية هي بعينها أحكام الشرائع الخاتمة، فلا بد إذا من كلمات تصدر عن كلمة وترد على كلمة. ولا بد من حروف تتركب منها الكلمات، وتلك الحروف لا تشبه حروفنا، وتلك الكلمات لا تشبه كلامنا".
قلت: فهذا القول الذي ذكره وحكاه عن السلف والحنابلة ليس هو من الأقوال التي ذكرها صاحب الإرشاد وأتباعه، فإن أولئك لم يحكوا إلا قول من يجعل القديم عين صوت العبد والمداد، وهذا القول لا يعرف به قائل له قول أو مصنف في الإسلام. وأما القول الذي ذكره الشهرستاني الشهرستاني: فقال به طائفة كبيرة، وهو أحد القولين لمتأخري أصحاب أحمد ومالك وغيرهم من الطوائف، وهو المذكور عن والشافعي أبي الحسن بن سالم وأصحابه السالمية، وقد قاله طائفة [ ص: 322 ] غير هؤلاء، كما ذكر ذلك في كتاب " المقالات " لما ذكر كلام الأشعري فقال: ابن كلاب إن الله لم يزل متكلما، وإن كلامه صفة له قائمة به، وإنه قديم بكلامه، وإن كلامه قائم به، كما أن العلم قائم به، والقدرة قائمة به، وإن الكلام ليس بحروف ولا صوت، ولا ينقسم ولا يتجزأ ولا يتبعض، وإنه معنى واحد قائم بالله". ابن كلاب: "قال