ثم كما يقوله منهم من يقول: السمع يتعلق بذلك المعنى وبكل موجود، فكل موجود يمكن أن يرى ويسمع، أبو الحسن ونحوه.
ومنهم من يقول: إنه يسمع ذلك المعنى من القارئ مع صوته المسموع منه كما يقول ذلك طائفة أخرى.
وجمهور العقلاء يقولون: إن هذه الأقوال معلومة الفساد [ ص: 115 ] بالضرورة، وإنما ألجأ إليها القائلين بها ما تقدم من الأصول التي استلزمت هذه المحاذير، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.
وكذلك من من أهل الحديث والفقهاء والكلام المنتسبين إلى السنة، فجمهور العقلاء يقولون: إن قول هؤلاء أيضا معلوم الفساد بالضرورة، وإنما ألجأهم إلى ذلك اعتقادهم أن الكلام لا يتعلق بمشيئة المتكلم وقدرته، مع علمهم بأن الكلام يتضمن حروفا منظومة وصوتا مسموعا من المتكلم. قال: "لا يتكلم إلا بأصوات قديمة أزلية ليست متعاقبة، وهو لا يقدر على التكلم بها، ولا له في ذلك مشيئة ولا فعل"
وأما من قال: "إن الصوت المسموع من القارئ قديم" أو: "يسمع منه صوت قديم ومحدث" فهذا أظهر فسادا من أن يحتاج إلى الكلام عليه.
وكلام السلف والأئمة والعلماء في هذا الأصل كثير منتشر، ليس هذا موضع استقصائه.