وجمهور الناس من أهل السنة وأهل البدعة يقولون: إن فساد هذا القول معلوم بالاضطرار، وإن معاني القرآن ليست هي معاني التوراة، وليست معاني التوراة المعربة هي القرآن، ولا القرآن إذا ترجم بالعبرية هو التوراة، ولا حقيقة الأمر هي حقيقة الخبر. [ ص: 111 ]
وإنما اضطر ابن كلاب ونحوهما إلى هذا الأصل: أنهم لما اعتقدوا والأشعري وقد تبين لهم أن الله لا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته، لا فعل ولا تكلم ولا غير ذلك، ولا يجعل لله تعالى كلاما قائما بنفسه، بل يجعل كلامه ما خلقه في غيره، وعرفوا أن الكلام لا يكون مفعولا منفصلا عن المتكلم، ولا يتصف الموصوف بما هو منفصل عنه، بل إذا خلق الله شيئا من الصفات والأفعال بمحل كان ذلك صفة لذلك المحل، لا لله، فإذا خلق في محل الحركة كان ذلك المحل هو المتحرك بها، وكذلك إذا خلق فيه حياة كان ذلك المحل هي الحي بها، وكذلك إذا خلق علما أو قدرة كان ذلك المحل هو العالم القادر بها، فإذا خلق كلاما في غيره كان ذلك المحل هو المتكلم به. فساد قول من يقول: "القرآن مخلوق"
وهذا التقرير مما اتفق عليه القائلون بأن القرآن غير مخلوق من جميع الطوائف مثل أهل الحديث والسنة، ومثل الكرامية والكلابية وغيرهم.