وبنحو ذلك قال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون في كلامه المعروف، وقد ذكره في " الإبانة "، ابن بطة في كتابه في الأصول، ورواه وأبو عمر الطلمنكي قال: [ ص: 36 ] "حدثنا أبو بكر الأثرم، عبد الله بن صالح عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال: "أما بعد، فقد فهمت ما سألت عنه فيما تتايعت فيه الجهمية ومن خالفها في صفة الرب العظيم الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير، وكلت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول عن معرفة قدره" - إلى أن قال: وكيف يكون لصفة شيء منه حدا أو منتهى يعرفه عارف، أو يحد قدره واصف؟ الدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته: عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه" - إلى أن قال- " اعرف – رحمك الله – غناك عن تكلف صفة ما لم يصف الرب من نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف منها قدر ما وصف فما تكلفك علم ما لم يصف؟ هل تستدل بذلك على شيء من طاعته؟ أو تنزجر به عن شيء من معصيته؟ ـ وذكر كلاما طويلا، إلى أن قال ـ: " فأما "بأنه لا يعلم كيف هو إلا هو، وكيف يعلم من يموت ويبلى قدر من لا يموت ولا يبلى؟ فصار يستدل - بزعمه - على جحد ما وصف [ ص: 37 ] الرب وسمى من نفسه بأن قال: لا بد إن كان له كذا من أن يكون له كذا، فعمي عن البين بالخفي، يجحد ما سمى الرب من نفسه، بصمت الرب عما لم يسم، فلم يزل يملي له الشيطان، حتى جحد قول الله تعالى: الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقا وتكلفا فقد استهوته الشياطين في الأرض حيران، وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ سورة القيامة: 22 -23] فقال: لا يراه أحد يوم القيامة، قد قضى أنهم لا يموتون، فهم بالنظر إليه ينضرون" وذكر كلاما طويلا كتب في غير هذا الموضع. فجحد - والله - أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر في وجهه في مقعد صدق عند مليك مقتدر،