وكلام السلف والأئمة ومن نقل مذهبهم في هذا الأصل كثير يوجد في كتب التفسير والأصول.
قال حدثنا إسحاق بن راهويه: سمعت غير واحد من المفسرين يقول: بشر بن عمر: الرحمن على العرش استوى : أي ارتفع.
وقال في " صحيحه ": "قال البخاري أبو العالية استوى إلى السماء: ارتفع"، قال: "وقال استوى: علا على العرش". [ ص: 21 ] مجاهد:
وقال في تفسيره المشهور: "وقال الحسين بن مسعود البغوي وأكثر مفسري السلف: "استوى إلى السماء: ارتفع إلى السماء" وكذلك قال ابن عباس الخليل بن أحمد.
وروى في كتاب الصفات قال: "قال البيهقي الفراء: ثم استوى أي صعد، قاله وهو كقولك للرجل: كان قاعدا فاستوى قائما". ابن عباس،
وروى في مسنده عن الشافعي رضي الله عنه " أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن يوم الجمعة: وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش".
والتفاسير المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين مثل تفسير وتفسير محمد بن جرير الطبري، عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدحيم، وتفسير عبد الرحمن بن أبي حاتم، وتفسير وتفسير أبي بكر [ ص: 22 ] بن المنذر، أبي بكر عبد العزيز، وتفسير وتفسير أبي الشيخ الأصبهاني، أبي بكر بن مردويه، وما قبل هؤلاء التفاسير مثل تفسير أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم، ومن قبلهم مثل تفسير وبقي بن مخلد وتفسير عبد بن حميد سنيد وتفسير عبد الرازق، فيها من هذا الباب الموافق لقول المثبتين مالا يكاد يحصى، وكذلك الكتب المصنفة في السنة التي فيها آثار النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة التابعين. ووكيع بن الجراح
وقال في مسائله المعروفة التي نقلها عن أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني أحمد وإسحاق وغيرهما، وذكر معها من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وغيرهم ما ذكر، وهو كتاب كبير صنفه على طريقة الموطأ ونحوه من المصنفات، قال في آخره في الجامع: "باب القول في المذهب: هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع، خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وغيرهم ممن [ ص: 23 ] جالسنا وأخذنا عنهم العلم" وذكر الكلام في الإيمان والقدر والوعيد والإمامة وما أخبر به الرسول من أشراط الساعة وأمر البرزخ والقيامة وغير ذلك - إلى أن قال: "وهو سبحانه بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان، ولله عرش، وللعرش حملة يحملونه، وله حد، والله أعلم بحده، والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده ولا إله غيره، والله تعالى سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى، يقظان لا يسهو، رقيب لا يغفل، يتكلم ويتحرك ويسمع ويبصر وينظر ويقبض ويبسط ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويسخط ويغضب، ويرحم ويغفو ويغفر ويعطي ويمنع، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، كيف شاء، وكما شاء، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير" - إلى أن قال: "ولم يزل الله متكلما عالما، فتبارك الله أحسن الخالقين". وسعيد بن منصور
وقال الفقيه الحافظ في كتاب " السنة "، وقد نقله عنه الخلال في " السنة ": "حدثنا أبو بكر الأثرم إبراهيم بن الحارث - يعني العبادي - حدثني الليث بن يحيى، سمعت إبراهيم بن الأشعث، قال أبو بكر - هو صاحب الفضيل - سمعت يقول: "ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف ؛ لأن الله وصف نفسه فأبلغ فقال: الفضيل بن عياض: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد [سورة الإخلاص] [ ص: 24 ] فلا صفة أبلغ مما وصف الله عز وجل به نفسه، وكل هذا النزول والضحك وهذه المباهاة وهذا الاطلاع، كما شاء أن ينزل، وكما شاء أن يباهي، وكما شاء أن يطلع، وكما شاء أن يضحك، فليس لنا أن نتوهم أن كيف وكيف وإذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه، فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء".
وقد ذكر هذا الكلام الأخير عن الفضيل بن عياض في كتاب " خلق الأفعال "، هو وغيره من أئمة السنة، وتلقوه بالقبول. البخاري
وقال "وقال البخاري: إذا قال لك الجهمي "أنا كافر برب يزول عن مكانه" فقل: "أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء". الفضيل بن عياض:
قال "وحدث البخاري: عن يزيد بن هارون الجهمية فقال: "من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما تقرر في قلوب العامة فهو جهمي".