وكان الناس قبل صنفين، أبي محمد بن كلاب فأهل السنة والجماعة يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها، والجهمية من المعتزلة وغيرهم تنكر هذا وهذا، فأثبت ابن كلاب قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها.
ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي، وغيرهما، وأما وأبو الحسن الأشعري فكان ينتسب إلى قول الحارث المحاسبي ولهذا أمر ابن كلاب، بهجره، وكان أحمد يحذر عن أحمد وأتباعه، ثم قيل عن ابن كلاب الحارث: إنه رجع عن قوله. [ ص: 7 ]
وقد ذكر الحارث في كتاب " فهم القرآن " عن أهل السنة في هذه المسألة قولين، ورجح قول وذكر ذلك في قول الله تعالى: ابن كلاب، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون [سورة التوبة: 105] وأمثال ذلك، وأئمة السنة والحديث على إثبات النوعين، وهو الذي ذكره عنهم من نقل مذهبهم، كحرب الكرماني وغيرهما، بل صرح هؤلاء بلفظ الحركة، وأن ذلك هو مذهب أئمة السنة والحديث من المتقدمين والمتأخرين، وذكر وعثمان بن سعيد الدارمي أنه قول من لقيه من أئمة السنة حرب الكرماني كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن الزبير الحميدي وقال وسعيد بن منصور. وغيره: إن عثمان بن سعيد الجهمية نفاة الصفات، الذين اتفق السلف والأئمة على تضليلهم وتبديعهم. الحركة من لوازم الحياة، فكل حي متحرك، وجعلوا نفي هذا من أقوال
[ ص: 8 ] وطائفة أخرى من السلفية كنعيم بن حماد الخزاعي صاحب الصحيح والبخاري وغيرهم وأبي بكر بن خزيمة، وأمثاله: يثبتون المعنى الذي يثبته هؤلاء، ويسمون ذلك فعلا ونحوه، ومن هؤلاء من يمتنع عن إطلاق لفظ الحركة لكونه غير مأثور. كأبي عمر بن عبد البر
وأصحاب منهم من يوافق هؤلاء، أحمد كأبي بكر عبد العزيز وأمثالهما، ومنهم من يوافق الأولين، وأبي عبد الله بن بطة كأبي عبد الله بن حامد وأمثاله، ومنهم طائفة ثالثة - كالتميميين غيرهم - يوافقون النفاة من أصحاب وابن الزاغواني وأمثالهم. ابن كلاب