والمقصود هنا: أن هذا الجواب الذي ذكره مبني على هذا الأصل. الأرموي
ومضمونه: أن الرب تعالى موجب بالذات للعقول والنفوس الأزلية اللازمة لذاته لا فاعل لها بمشيئته وقدرته، وهم يفسرون العقول بالملائكة، فتكون الملائكة قديمة أزلية متولدة عن الله تعالى لازمة لذاته [ ص: 338 ] وهذا شر من قول القائلين بأن الملائكة بنات الله، وهو موافقة للدهرية على العلة والمعلول، لكن لكنه في الجملة يبطل احتجاجهم على أن السماوات قديمة أزلية فهو قطع لنصف شرهم. النزاع بينهم في حدوث العالم الجسماني،
وهذا الجواب مبني أيضا على جواز التسلسل في الحوادث التي هي آثار، والقول بجواز حوادث لا أول لها ؛ وهذا أحد قولي النظار ، وهو اختيار ، وبه اعترض على الأرموي الرازي في غير موضع، وبه اعترض على جواب الرازي عن حجة التأثير التي مبناها على أن التأثير الذي يدخل فيه الخلق والإبداع، هل هو أمر وجودي، أو أمر عدمي؟ وهل الخلق هو المخلوق، أو غير المخلوق؟
وفيها قولان مشهوران للناس، والجمهور على أن الخلق ليس هو المخلوق، هو قول أكثر العلماء من أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومالك وهو قول أكثر أهل الكلام، مثل طوائف من وأحمد، المعتزلة والمرجئة والشيعة، وهو قول الكرامية وغيرهم، وهو مذهب الصوفية، ذكره صاحب «التعرف في مذاهب التصوف» المعروف وهو قول أكثر قدماء الفلاسفة وطائفة من متأخريهم. [ ص: 339 ] بالكلاباذي،
وطائفة قالت: الخلق هو المخلوق، وهو قول كثير من المعتزلة، وقول الكلابية وأصحابه، ومن وافقهم من أصحاب كالأشعري الشافعي وأحمد وغيرهم. ومالك
والمقصود هنا أنهم لما ولأن كونه مؤثرا معلوم دون حقيقته، ولأن المؤثرية نسبة بينهما، فهي متأخرة ومغايرة. احتجوا على قدم العالم بأن كون الواجب مؤثرا في العالم غير ذاتيهما، لإمكان تعقلهما مع الذهول عنه،
قال: وليس التأثير أمرا سلبيا؛ لأنه نقيض قولنا: ليس بمؤثر، فذلك الوجودي إن كان حادثا افتقر إلى مؤثر، وكانت مؤثريته زائدة، ولزم التسلسل، وإن كان قديما ـ وهو صفة إضافية لا يعقل تحققها مع المضافين ـ فلزم قدمها.
أجاب الرازي: بأن المؤثرية ليست صفة ثبوتية زائدة على الذات، وإلا كانت مفتقرة إلى المؤثر، فتكون مؤثريته زائدة، ويتسلسل.
قلت: وهذا الجواب هو على قول من يقول: إن الخلق هو المخلوق، وإنه ليس الفعل والإبداع والخلق إلا مجرد وقوع المفعول المنفصل عنه من غير زيادة أمر وجودي أصلا.
فقال ولقائل أن يقول: التسلسل هاهنا واقع في الآثار، لأن المؤثرية صفة إضافية يتوقف تعقلها على المؤثر والأثر، فتكون متأخرة على الأثر فاقتضت مؤثرية أخرى بعد الأثر، حتى يكون بعد كل مؤثرية مؤثرية. الأرموي: