[ ص: 250 ] قلت: ولقائل أن يقول: أما قوله: "صار كثير من أهل الإسلام يقولون: إنه جسم لا يشبه الأجسام" فهذا صحيح.
وأما قوله: وعلى هذا الحنابلة وكثير ممن اتبعهم.
فيقال له: ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم، لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسما بطريق اللزوم، إذا كانوا يقولون: إن الصفة لا تقوم إلا بجسم، وذلك لأنهم اصطلحوا في معنى الجسم على غير المعنى المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن، وهؤلاء يسمون كل ما يشار إليه جسما، فلزم -على قولهم- أن يكون ما جاء به الكتاب والسنة، وما فطر الله عليه عباده، وما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها تجسيما. وهذا لا يختص طائفة: لا الحنابلة ولا غيرهم، بل يطلقون لفظ المجسمة والمشبهة على أتباع السلف كلهم، حتى يقولوا في كتبهم: ومنهم طائفة يقال لهم المالكية ينتسبون إلى ومنهم طائفة يقال لهم مالك بن أنس، الشافعية ينتسبون إلى الشافعي.
لكن لما جرت الجهمية نفاة الصفات وسموا من أثبتها مجسما في عهد وقالوا: إن القرآن مخلوق، الإمام أحمد، وحقيقة ذلك أن الله لم يتكلم بشيء، وقالوا: إنه لا يرى، ونحو ذلك -قام محنة من إظهار السنة والصفات، وإثبات ما جاء في الكتاب والسنة من هذا الباب بما لم يحتج إليه غيره من الأئمة، وظهر ذلك في جميع أهل السنة [ ص: 251 ] والحديث من جميع الطوائف، وصاروا متفقين على تعظيم أحمد بن حنبل وجعله إماما للسنة، فصار يظهر في أصحابه من الإثبات ما لا يظهر في غيرهم، بسبب كثرة نصوصهم في هذا الباب. أحمد
والنفاة يسمون المثبتة مجسمة ومشبهة.
وصاحب هذا الكتاب يجعل مثبتة الصفات -من الأشعرية ونحوهم- مشبهة، وأنه يلزمهم التركيب، والتركيب أصل للتجسيم.