وذكر أبو البركات في معتبره الأقوال الثلاثة: قول من قال: لا يعلم إلا ذاته، وذكره عن أرسطو، وذكر ألفاظه. هو يعظم وابن رشد أرسطو إلى الغاية، وهو من أعظم الفلاسفة عنده، فكيف ينفي هذا القول عنهم؟!
وذكر أبو البركات قول وذكر عنهم القول الثالث، وهو أنه يعرف ذاته وسائر مخلوقاته في سائر الأوقات، على اختلاف الحالات، مما هو كائن، وما هو آت. ابن سينا،
وهذا القول ينزع إلى قولين: أحدهما: القول الذي اختاره الذي قربه من التغير، ولم يجب عنه، والثاني التزام هذا اللازم، وبيان أنه ليس بمحذور. ابن رشد،
وهذا قد اختاره أبو البركات، كما يختاره طوائف من [ ص: 402 ] المتكلمين كأبي الحسين والرازي وغيرهما، وكما هو معنى ما دل عليه الكتاب والسنة، وذكره أئمة السنة. فصارت الأقوال للفلاسفة في علم الله أربعة أقوال، بل خمسة، بل ستة، بل سبعة. وأكثر من ذلك القول الذي ذكره والقول الذي اختاره ابن سينا، والقول الذي اختاره ابن رشد، أبو البركات. وهذان القولان هما القولان اللذان يقولهما نظار المسلمين.
أرسطو فلا يمكن أن يقولهما مسلم. ولهذا كان ذلك مما كفرهم به وابن سينا، وغيره، فضلا عن أئمة المسلمين، الغزالي كمالك والشافعي فإنهم كفروا غلاة وأحمد، القدرية، الذين أنكروا علمه بالأفعال الجزئية قبل وجودها، فكيف من أنكر علمه بالجزئيات كلها قبل وجودها وبعد وجودها؟! وقول
وللسهروردي المقتول قول آخر سنحكيه بعد إن شاء الله.
وكذلك للطوسي قول قريب منه، مضمونه أن العلم ليس صفة له، بل هو نفس المعلومات.