قال: أما الصغرى فقد مضى تقريرها، وأما الكبرى فهي أن الذي لا يمتنع أن يكون موجودا دائما، لو كان جائز العدم لكان: إما أن يكون عدمه ممكنا دائما، أو لا يكون دائما، فإن لم يكن [ ص: 191 ] له إمكان العدم دائما، كان ذلك الإمكان محدودا، وإذا تعدى ذلك الحد، وجب فيه وجوده وامتنع عدمه، مع أن الأحوال واحدة، وهذا محال، يبقى أنه إن كان عدمه ممكنا، فهو ممكن العدم دائما، وكل ما كان ممكنا فإنه إذا فرض موجودا، أمكن أن يعرض منه كذب، وأما المحال فلا يعرض ألبتة، إذا فرض معدوما، لكن فرض هذا العدم يعرض منه محال، وبيانه هو: أنا نفرض أن أحد طرفي الممكن، وهو الوجود الدائم، وجد وهو مع ذلك يقوى على عدم الصورة دائما، فلا يمتنع أن يقع ذلك الممكن، فإن استحال وقوعه لم يكن ذلك ممكنا، لكنه يستحيل مع فرض وجوده دائما عدمه دائما، وإلا لكان الشيء في زمان غير متناه، معدوما وموجودا معا، وهو محال. نعم يمكن فرض عدمه بعد وجوده، ولكن ذلك العدم غير دائم، بل هو عدم متجدد. وإذا كان هذا محالا بالوضع ليس بكذب غير محال بل هو محال، فالحكم على ما يمكن وجوده دائما بأنه جائز العدم محال، فإذا وجوده واجب، وهو المطلوب». [ ص: 192 ] (وأيضا العالم غير ممتنع أن يكون دائم الوجود، وما لا يمتنع أن يكون دائم الوجود، يجب أن يكون دائم الوجود، فالعالم يجب أن يكون دائم الوجود.