فإن قال: هذا بين معروف بنفسه معلوم بالضرورة.
قيل له: إذا عرضنا على عقول العقلاء: أن الواجب: هل يكون واجبا في وقت دون وقت؟ وأن الحادث: هل يحدث بنفسه كان ردهم لهذا الثاني أعظم من ردهم لذاك، فلا يقرر الأبين بالأخفى.
وأيضا فهذا أرجح من ذاك من وجه آخر. وذلك أن الفلاسفة الدهرية الإلهيين من المتأخرين، وغيره، كابن سينا فإذا عرف افتقاره إلى موجب، لم يلزم على قولهم أن يكون له محدثا، ولم يقل أحد من هؤلاء: إن المحدث يكون بغير محدث. ومن قال هذا، فإنه لا ينكر افتقار المخصص [ ص: 170 ] إلى مخصص، فحينئذ فمن أقر بالمحدث أقر بالمخصص من غير عكس، وما دل على المحدث دل على المخصص بالاتفاق، وفي العكس نزاع. يقولون: إن الواجب قد يكون قديما، وهو واجب بغيره. فالواجب بغيره عندهم قد لا يكون محدثا، مع كونه مفتقرا إلى مخصص موجب.