قال تعالى: وما قدروا الله حق قدره [سورة الأنعام:91]. وقد روي: ما عرفوه حق معرفته.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: « لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البحور، ولزالت بدعائكم الجبال، ولو خفتم الله حق خوفه لعلمتم العلم [ ص: 521 ] الذي ليس بعده جهل، وما وصل أحد إلى ذلك. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا، الله أجل أن يبلغ أحد كنه أمره كله» .
هذا وهو أعرف الخلق بربه، الذي تصير معارف ذوي المعارف عند معرفته نكرة.
وقد كان يقول في مناجاته: « اللهم عرفني نفسك حتى أزداد لك رغبة، ومنك رهبة» . وهذا طلب الزيادة في المعرفة، كما أدبه: وقل رب زدني علما [سورة طه:114].
وقد كان الشبلي يقول: (ما عرف الله أحد حقيقة) يعني لو عرفوه حقيقة ما اشتغلوا بسواه.
وكان الواسطي يقول: (كما به كانوا، كذلك به عرفوا) . وقال في قصيدته: أبو الحسن المروزي
به عرفوه فاهتدوا لرشادهم ... ولولا الهدى منه عموا وتحيروا
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في كلامه:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
قال: وعدم الاستواء ووجود التفاوت يشهد بصحة ما قلنا، مع تصحيح الآثار، ومذاقات ألفاظ الرجال، فهو أجل أن يجهل، وأعز أن تنتهي فيه معارف ذوي المعارف، أو تبلغه بصائر ذوي البصائر: (فليس شيء إلا وهو يعرف الله سبحانه، ولو كان الحكم واحدا والمعرفة واحدة لاستووا. لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [سورة الأنعام:103].