ومنشأ الاشتباه في هذه المسألة اشتباه أحكام الكفر في الدنيا بأحكام الكفر في الآخرة، فإن [ ص: 433 ] أولاد الكفار لما كانوا يجري عليهم أحكام الكفر في أمور الدنيا، مثل ثبوت الولاية عليهم لآبائهم، وحضانة آبائهم لهم، وتمكين آبائهم من تعليمهم وتأديبهم، والموارثة بينهم وبين آبائهم، واسترقاقهم إذا كان آباؤهم محاربين، وغير ذلك - صار يظن من يظن أنهم كفار في نفس الأمر، كالذي تكلم بالكفر وعمل به.
ومن هنا قال من قال: إن هذا الحديث - هو قوله: كان قبل أن تنزل الأحكام، كما ذكره « كل مولود يولد على الفطرة» أبو عبيد، عن فأما إذا عرف أن كونهم ولدوا على الفطرة لا ينافي أن يكونوا تبعا لآبائهم في أحكام الدنيا زالت الشبهة. وقد يكون في بلاد الكفر من هو مؤمن في الباطن يكتم إيمانه من لا يعلم المسلمون حاله، إذا قاتلوا الكفار، فيقتلونه ولا يغسل ولا يصلى عليه ويدفن مع المشركين، وهو في الآخرة من المؤمنين أهل الجنة، كما أن محمد بن الحسن، فحكم الدار الآخرة غير حكم الدار الدنيا. المنافقين تجري عليهم في الدنيا أحكام المسلمين وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار،