كما تقولون: إن الجسم في حيز، والحيز تقدير مكان، وتجعلون ما وراء العالم حيزا. وإن فسرتم الجهة بأمر عدمي
فيقال لكم: الجهة ـ والحيز ـ إذا كان أمرا عدميا فهو لا شيء، وما كان في جهة عدمية أو حيز عدمي، فليس هو في شيء، ولا فرق بين قول القائل: هذا ليس في شيء وبين قوله: هو في العدم أو أمر عدمي فإذا كان [ ص: 254 ] الخالق تعالى مباينا للمخلوقات عاليا عليها، وما ثم موجود إلا الخالق أو المخلوق، لم يكن معه غيره من الموجودات، فضلا عن أن يكون هو سبحانه في شيء موجود يحصره أو يحيط به.
فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل، ويراعون أيضا الألفاظ الشرعية، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه، ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه إلى البدعة أيضا، وقالوا: إنما قابل بدعة ببدعة، ورد باطلا بباطل.