والمقصود هنا بيان كلام كلي في جنس ما تعارض به نصوص الإثبات من كلام النفاة الذي يسمونه عقليات.
وإن قالوا: مرادنا أن المرئي لا بد أن يكون معاينا تجاه الرائي، وما كان كذلك فهو جسم ونحو هذا الكلام، قالوا لهم: الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قال: وقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر» ، . «هل تضامون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فهل تضامون في رؤية القمر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر»
وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، وفي لفظ في الصحيح: فإذن قد «إنكم ترون ربكم عيانا» [ ص: 253 ] أخبرنا أنا نراه عيانا.
وقد فهذه النصوص يصدق بعضها بعضا، والعقل أيضا يوافقها، ويدل على أخبرنا أيضا أنه قد: «استوى على العرش»، وأن وجود موجود لا مباين للعالم ولا مجانس له محال في بديهة العقل، فإذا كانت الرؤية مستلزمة لهذه المعاني فهذا حق، وإذا سميتم أنتم هذا قولا بالجهة وقولا بالتجسيم لم يكن هذا القول نافيا لما علم بالشرع والعقل، إذ كان معنى هذا القول ـ والحال هذه ـ ليس منتفيا لا بشرع ولا عقل. أنه سبحانه مباين لمخلوقاته فوق سماواته،
ويقال لهم: ما تعنون بأن هذا إثبات للجهة والجهة ممتنعة؟ أتعنون بالجهة أمرا وجوديا أو أمرا عدميا؟
فإن أردتم أمرا وجوديا، وقد علم أنه ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق، والله فوق سماواته بائن من مخلوقاته، لم يكن ـ والحالة هذه ـ في جهة موجودة، فإن سطح العالم مرئي، وليس هو في عالم آخر. فقولكم: «إن المرئي لا بد أن يكون في جهة موجودة قول باطل»،