وقد ذكرنا في غير هذا الموضع ذكر مقالات الناس في مسألة الحدوث والقدم، ابن سينا ولم يذكر مقالة أساطين أن الفلاسفة المتقدمين، كما لم يذكر مقالة الأنبياء والمرسلين. والمقالات التي حكاها من الباطل إنما احتج على إبطالها بما لا حجة له فيه، فقال: (أوهام وتنبيهات. قال قوم: إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته، واجب لنفسه، لكنه إذا تذكرت ما قيل في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس واجبا، وتلوت قوله تعالى: لا أحب الآفلين [سورة الأنعام:76] فإن الهوي في حظيرة الإمكان أفول ما) . [ ص: 250 ]
قلت: وهذا القول هو قول القائلين بقدم العالم وأنه واجب بنفسه، ليس له موجب آخر. وهو الظاهر المشهور من مذاهب الدهرية، وإليه يعود كلام محققيهم، ولهذا كان أئمة الكلام القدماء، من المعتزلة والأشعرية وغيرهم، وأمثاله، كأبي علي الجبائي وكالقاضي أبي بكر، وأمثالهما، لا يذكرون عن والقاضي أبي يعلى، الدهرية إلا هذا القول.