ثم اعترض على الوجهين اللذين ذكرهما ابن رشد فقال على الوجه الأول، وأنه أبو حامد، وقد أبطله يلزمهم على مساق مذهبهم أن يكون المبدع جسما قديما لا علة له، وأنهم لم يبطلوا ذلك إلا بقولهم في التوحيد ونفي الصفات، [ ص: 166 ] أبو حامد.
قال (يريد أنهم إذا لم يقدروا على نفي الصفات، كان ذلك الأول عندهم ذاتا بصفات، وما كان على هذه الصفة فهو جسم، أو قوة في جسم، ولزمهم أن يكون الأول الذي لا علة له الأجرام السماوية) . ابن رشد:
قال (وهذا القول لازم لمن يقول بالقول الذي حكاه عن ابن رشد: الفلاسفة - يعني طريقة ابن سينا والفلاسفة - يعني الأوائل - لا يحتجون على وجود الأول الذي لا علة له، بما نسبه إليهم من الاحتجاج، ولا يزعمون أيضا أنهم يعجزون عن دليل التوحيد، ولا عن دليل نفي الجسمية عن المبدأ الأول. وستأتي هذه المسألة فيما بعد) .
قلت: لما رأى ضعف الطريقة المنسوبة إلى ابن رشد الفلاسفة في كتب في نفي الصفات ونفي التجسيم. وأنها ليست طريقة [ ص: 167 ] أوليهم، بنى نفي الصفات ونفي التجسيم تارة على إثبات النفس، وأنها ليست بجسم، واستدل بأضعف من دليلهم، وتارة يستدل بطريقة كلامية لفظية، وهي أن المركب لا بد له من مركب، والمؤلف لا بد له من مؤلف. وهذا إنما يكون إذا أطلق هذا اللفظ على مسماه، باعتبار أن هناك مؤلفا فعل التأليف، ومركبا فعل التركيب. ابن سينا،
ومن لا يطلق هذا اللفظ بحال، أو أراد به ما فيه اجتماع، وقال: إن ذلك واجب بنفسه، لم يكن مثل هذا الكلام حجة عليه، وهذا مبسوط في موضعه.
المقصود تبيين ما أخذه عن أسلافه، وما أخذه عن المتكلمين، وكيف خلط أحدهما بالآخر. ابن سينا
قال (قول ابن رشد: ولكن لعلتها علة، ولعلة العلة علة، وهكذا إلى غير نهاية، إلى قوله: وكل مسلك ذكرتموه في النظر يبطل عليكم بتجويز دورات لا أول لها، شك تقدم الجواب عنه، حين قلنا: إن الفلاسفة لا تجوز عللا ومعلولات لا نهاية [ ص: 168 ] لها، لأنه يؤدي إلى معلول لا علة له، ويوجبونها بالعرض من قبل علة قديمة، لكن لا إذا كانت مستقيمة ومعا وفي مواد لا نهاية لها، بل إذا كانت دورا) . أبي حامد: