فالمتكلمون قالوا: القادر يفعل بدون سبب حادث، فقالوا: هذا محال. وقالوا: تحدث الحوادث كلها بدون سبب حادث ولا فاعل محدث لها، فكان قولهم أشد بطلانا.
الوجه الثاني
أن وجود حوادث لا أول لها إنما يمكن في القديم الواحد، فإذا قدر قديمان: كل منهما تقوم به حوادث لا تتناهى، كما يقولونه في الأفلاك، فهذا ممتنع. لأن كلا منهما لا بداية لحركاته ولا نهاية، مع أن أحدهما أكثر من الآخر، وما كان أكثر من غيره كان ما دونه أقل منه، فيلزم أن يكون ما لا أول له ولا آخر يقبل أن يزاد عليه، ويكون شيء آخر أكثر منه، وهذا ممتنع، كما امتنع مثل ذلك في الأبعاد.
(الوجه الثالث)
أن قولهم يقتضي أن يكون فعل الفاعل مقارنا له أزلا وأبدا، وأن يكون القديم الأزلي مفعولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، وهذا مما يعلم فساده بصريح العقل واتفاق العقلاء.