- وإنما الخلاف في الصفات - وهو الذي نعنيه بالمبدأ الأول) . والمقصود أن موجودا، لا علة لوجوده، ثابت بالضرورة والاتفاق
قال (والجواب من وجهين: أحدهما: أنه يلزم على مساق مذهبكم أن تكون أجسام العالم قديمة لذلك لا علة لها. وقولكم إن بطلان ذلك يعلم بنظر ثان، فيبطل ذلك عليكم في [ ص: 148 ] مسألة التوحيد ونفي الصفات بعد هذه المسألة. الغزالي:
الوجه الثاني: وهو الخاص بهذه المسألة، هو أن يقال: نثبت تقديرا أن هذه الموجودات لها علة، ولكن علتها علة، ولعلة العلة علة كذلك، وهكذا إلى غير نهاية.
وقولكم: إنه يستحيل إثبات علل لا نهاية لها، لا يستقيم منكم. فإنا نقول: عرفتم ذلك ضرورة بغير واسطة أو عرفتموه بواسطة؟ لا سبيل إلى دعوى الضرورة، وكل مسلك ذكرتموه في النظر، يبطل عليكم بتجويز حوادث لا أول لها. وإذا جاز أن يدخل في الوجود ما لا نهاية له، فلم يبعد أن يكون بعضها علة لبعض وينتهي من الطرف الآخر إلى معلول لا معلول له ولا ينتهي في الجانب الآخر إلى علة لا علة لها؟ كما أن الزمان [ ص: 149 ] السابق له آخر، وهو الآن. ولا أول له.
فإن زعمتم أن الحوادث الماضية ليست موجودة معا في الحال، ولا في بعض الأحوال، والمعدوم لا يوصف بالتناهي وعدم التناهي، فيلزمكم النفوس البشرية المفارقة للأبدان، فإنها لا تفنى عندكم، والموجود المفارق للبدن من النفوس لا نهاية لأعدادها، إذ لم تزل نطفة من إنسان، وإنسان من نطفة، إلى غير نهاية، ثم كل إنسان مات، فقد بقي نفسه، وهو بالعدد غير نفس من مات قبله، ومعه، وبعده، وإن كان الكل بالنوع واحدا، فعندكم في الوجود، في كل حال، نفوس لا نهاية لأعدادها)