الوجه الحامس
أن يقال: نحن نسلم أن الفاعل الذي يفتقر إليه المفعول دائما، أكمل ممن لا يفتقر إليه إلا حال حدوثه. لكن إذا قيل: كان هذا قولا صحيحا، وليس هذا نظير ما ذكرته من الصنفين. بل لو قيل: إنه يفعل تأليف العالم دائما، وأن تأليفه لا يقوم إلا به، كان هذا خيرا من قول سلفك: إنه يفعل حركة العالم دائما، لو كانوا قائلين بذلك. فكيف وحقيقة قولهم: إنه لا يفعل شيئا؟. [ ص: 143 ] إن المخلوقات مفتقرة إلى الخالق دائما،
فأنت لو جعلته من الصنف الأول، من الفاعلين الذين يفعلون تأليف المؤلفات، كان خيرا من أن تجعله فاعلا للحركات. لكن الفاعل الدائم للفعل الذي يحتاج إليه المفعول دائما، أكمل ممن لا يفتقر إليه المفعول إلا في حال حدوثه، فإذا جعلته فاعلا للتأليف، وهو محتاج إليه دائما، كان خيرا من أن تجعله فاعلا للحركة، فكيف ولم تجعلوه فاعلا إلا من جهة كونه متشبها به فقط؟.