الوجه الثاني
وأمثاله، فإنما يكون فاعلا لما هو شرط في وجود العالم، لا يكون فاعلا لنفس جواهر العالم وسائر أعراضه، ابن رشد بل هو فاعل لعرض واحد من أعراضه، وهي الحركة التي زعموا أنه لا قوام له بدونها. وهذا من أبعد الأشياء عن كونه مبدعا للعالم، ولاسيما إذا جعلوا فعله للحركة من جهة كونه محبوبا، فهو بمنزلة كون كل محبوب يبدع المحب، الذي لا يقوم بدون تلك المحبة، بل بمنزلة كون الإمام المقتدى به مبدعا للمؤتم به، من جهة كونه يحتاج إلى الائتمام به. أنه بتقدير أن يثبتوه محدثا مبدعا للحركة التي لا قوام [ ص: 140 ] للفلك والعالم إلا بها، كما قد يدعي ذلك
ومعلوم أن هذا لا يقوله عاقل، بل هذا يتضمن أن واجب الوجود - كالفلك عند أرسطو وأتباعه - يفتقر إلى شيء بائن عنه، وذلك يدل على فساد قولهم، فما قاله أرسطو وأتباعه من الحق يدل على فساد قول المتأخرين، وما قاله المتأخرون من الحق في الواجب يدل على فساد قول أرسطو وأتباعه.