وأما فأراد أن يجيب عن القاضي أبو بكر بوجه آخر، فزعم أن افتقار المحدث إلى المحدث أمر نظري لا ضروري، وأن الأشعري أثبت ذلك، وذكر أن إثباته لذلك من جهة تتضمن الفعل للفاعل، كتضمن الفاعل للفعل. الأشعري
ومن المعلوم أن كلام ليس فيه شيء من هذا، ولا يحتاج كلامه إلى هذا، وإنما نشأ الغلط من ظن الأشعري أن القاضي أبي بكر وليس الأمر كذلك، بل هو ضروري عند جماهير العقلاء، وإن كان نظريا عند طائفة من أهل الكلام من العلم [ ص: 103 ] بافتقار المحدث إلى الفاعل أمر نظري، المعتزلة ومن وافقهم.
والشيء قد يكون ضروريا مع إمكان إقامة الأدلة النظرية عليه، فلا منافاة بين كونه ضروريا مستقرا في الفطر، وبين إمكان إقامة الدليل عليه.