والذي كان أئمة السنة ينكرونه على بقايا من التجهم والاعتزال، مثل اعتقاد صحة طريقة الأعراض وتركيب الأجسام ابن كلاب الأشعري وأمثال ذلك من المسائل التي أشكلت على من كان أعلم من وإنكار اتصاف الله بالأفعال القائمة التي يشاؤها ويختارها، بالسنة والحديث وأقوال السلف والأئمة، الأشعري كالحارث المحاسبي، وأبي علي الثقفي، مع أنه قد قيل: إن [ ص: 98 ] وأبي بكر بن إسحاق الصبغي، الحارث رجع عن ذلك، وذكر عنه غير واحد ما يقتضي الرجوع عن ذلك، وكذلك الصبغي والثقفي قد روي أنهما استتيبا فتابا.
وقد وافق على هذه الأصول طوائف من أصحاب الأشعري أحمد ومالك والشافعي وغيرهم، منهم من تبين له بعد ذلك الخطأ فرجع عنه، ومنهم من اشتبه عليه ذلك، كما اشتبه غير ذلك على كثير من المسلمين، والله يغفر لمن اجتهد في معرفة الصواب من جهة الكتاب والسنة، بحسب عقله وإمكانه، وإن أخطأ في بعض ذلك. وأبي حنيفة
والمقصود أنه لم يكن في المنسوبين إلى السنة ولو كان فيه نوع من البدعة، من يزعم أن صريح المعقول يخالف مدلول الكتاب والسنة، بل كل من تكلم بذلك كان عند الأمة من أهل البدع المضلة، فضلا عن أن يقال: إن ما به يعلم صدق الرسول من المعقول مناقض لمدلول الكتاب والسنة، إذ هذا الكلام يفتح على صاحبه من الزندقة والإلحاد ما يخرجه عن طرد قوله إلى غاية الجهل والضلال والكفر والإلحاد، وإن لم يطرد قوله ظهر منه من التناقض والفساد ما لا يوافقه عليه لا أهل التوحيد والحق والإيمان ولا طائفة من طوائف العباد.
وبهذا كان يصف كل من يواليه ويحبه من المنسوبين إلى السنة والجماعة، كما في رسالة الأشعري التي كتبها إلى بعض ولاة الأمور لما كان وقع أبي بكر البيهقي بخراسان من لعنة أهل البدع ما وقع، وقصد بعض [ ص: 99 ] الناس إدخال فيهم. وقد ذكر الرسالة الأشعري في تبيين كذب المفتري. أبو القاسم بن عساكر