الوجه الخامس: أن يقال: حكم الإنسان بأن هذه الأعراض والقوى، أو النفس الحاملة لها، لا يتصور أن تحس بها، أضعف من حكمه بأن كل موجودين فلا بد أن يكون أحدهما مباينا للآخر أو محايثا له، وبأن كل موجود قائم بنفسه مشار إليه، ونحو ذلك.
بل يقال بأن العاقل إذا رجع إلى فطرته وقيل له: هل يمكن أن يخلق الله في الإنسان قوة يحس بها -إما بالمشاهدة، وإما باللمس، وإما بغير ذلك- ما في باطن غيره من القوى والأعراض ومحل ذلك؟ وعرض على فطرته وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه -كان جزمه بامتناع هذا أقوى من جزمه بامتناع الأول.
فإذا كان كذلك لم يمكن أن يجزم بامتناع الأول، ويجعل امتناعه دليلا على إمكان الثاني.
[ ص: 282 ]