وقال في كتاب "التمهيد في شرح الموطأ" لما تكلم على أبو عمر بن عبد البر حديث النزول، قال: "هذا حديث ثابت من جهة النقل، صحيح الإسناد، لا يختلف أهل الحديث في صحته..
وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم... وفيه دليل على أن الله في السماء على [ ص: 255 ] العرش، فوق سبع سماوات، كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم: إن الله بكل مكان".
قال: "والدليل على صحة قول أهل الحق قوله تعالى..". وذكر عدة آيات إلى أن قال: "وهذا أشهر وأعرف عند العامة والخاصة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته. لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد، ولا أنكره عليهم مسلم".
وقال أبو عمر أيضا: "أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل، قالوا في تأويل قوله تعالى: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم [سورة المجادلة: 7]: هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله".
[ ص: 256 ] وقال أيضا: وأما أهل البدع: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك، ولا يجدون فيه صفة محصورة. الجهمية، والمعتزلة كلها، والخوارج، فكلهم ينكرها، ولا يحمل منها شيئا على الحقيقة، ويزعم أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود، بلاشون، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله، وهم أئمة الجماعة".