[ ص: 6 ] nindex.php?page=treesubj&link=28721_28723اشتقاق أسماء الله وصفاته، وإظهار معانيها
1- "الرحمن الرحيم": صفتان مبنيتان من "الرحمة". قال أبو عبيدة: وتقديرهما: ندمان، ونديم .
* * *
2-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "السلام". قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23السلام المؤمن المهيمن ومنه سمي الرجل: عبد السلام; كما يقال: عبد الله.
ويرى أهل النظر - من أصحاب اللغة -: أن "السلام" بمعنى السلامة; كما يقال: الرضاع والرضاعة، واللذاذ واللذاذة . قال الشاعر:
تحيي بالسلامة أم بكر ... فهل لك - بعد قومك - من سلام؟
فسمى نفسه - جل ثناؤه - "سلاما": لسلامته مما يلحق الخلق: من العيب والنقص، والفناء والموت.
قال الله جل وعز:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=25والله يدعو إلى دار السلام ; فالسلام: الله; وداره: الجنة. يجوز أن يكون سماها "سلاما": لأن الصائر إليها يسلم فيها من
[ ص: 7 ] كل ما يكون في الدنيا: من مرض ووصب، وموت وهرم; وأشباه ذلك. فهي دار السلام. ومثله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=127لهم دار السلام عند ربهم .
ومنه يقال: السلام عليكم. يراد: اسم السلام عليكم. كما يقال: اسم الله عليكم.
وقد بين ذلك
لبيد، فقال:
إلى الحول، ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
ويجوز أن يكون [معنى] "السلام عليكم": السلامة لكم. وإلى هذا المعنى، يذهب من قال: "سلام الله عليكم، وأقرئ فلانا سلام الله".
وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=90وأما إن كان من أصحاب اليمين nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=91فسلام لك من أصحاب اليمين ; يريد: فسلامة لك منهم; أي: يخبرك عنهم بسلامة. وهو معنى قول المفسرين.
ويسمى الصواب من القول "سلاما": لأنه سلم من العيب والإثم. قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ; أي: سدادا من القول.
* * *
3-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "القيوم" و "القيام". وقرئ بهما جميعا.
وهما "فيعول" و "فيعال" . من "قمت بالشيء": إذا وليته. كأنه القيم بكل شيء. ومثله في التقدير قولهم: ما فيها ديور وديار .
[ ص: 8 ]
4-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "سبوح".
وهو حرف مبني على "فعول"; من "سبح الله": إذا نزهه وبرأه من كل عيب.
ومنه قيل: سبحان الله; أي: تنزيها لله، وتبرئة له من ذلك.
ومنه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=1يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض .
وقال
الأعشى: أقول لما جاءنا فخره ... سبحان من علقمة الفاخر
أراد: التبرؤ من علقمة. وقد يكون تعجب [بالتسبيح من فخره; كما يقول القائل إذا تعجب] من شيء: سبحان الله.
فكأنه قال: عجبا من علقمة الفاخر.
* * *
5-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "قدوس".
وهو حرف مبني على "فعول"; من "القدس" وهو: الطهارة.
ومنه قيل: "الأرض المقدسة" ; يراد: المطهرة بالتبريك. ومنه قوله حكاية عن الملائكة:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ; أي: ننسبك
[ ص: 9 ] إلى الطهارة. و"نقدسك ونقدس لك" و"نسبح لك ونسبحك" بمعنى واحد.
وحظيرة القدس - فيما قاله أهل النظر - هي: الجنة. لأنها موضع الطهارة من الأدناس التي تكون في الدنيا: من الغائط والبول والحيض، وأشباه ذلك.
* * *
6-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "الرب".
والرب: المالك. يقال: هذا رب الدار، ورب الضيعة، ورب الغلام. أي: مالكه; قال الله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=50ارجع إلى ربك ; أي: إلى سيدك.
ولا يقال لمخلوق: هذا الرب; معرفا بالألف واللام; كما يقال لله. إنما يقال: هذا رب كذا. فيعرف بالإضافة. لأن الله مالك كل شيء. فإذا قيل: الرب; دلت الألف واللام على معنى العموم. وإذا قيل لمخلوق: رب كذا ورب كذا; نسب إلى شيء خاص: لأنه لا يملك [شيئا] غيره.
ألا ترى أنه قيل: "الله"; فألزم الألف واللام: ليدل بها على أنه إله كل شيء. وكان الأصل: "الإلاه". فتركت الهمزة: لكثرة ما يجري ذكره - عز وجل - على الألسنة; وأدغمت لام المعرفة في اللام التي لقيتها; وفخمت وأشبعت حتى طبق اللسان بها الحنك: لفخامة ذكره تبارك وتعالى; وليفرق أيضا - عند الابتداء بذكره - بينه وبين اللات [والعزى] .
* * *
7-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "المؤمن".
وأصل الإيمان: التصديق. قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=17وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين [ ص: 10 ] ; أي: وما أنت بمصدق ولو كنا صادقين. ويقال [في الكلام] : ما أومن بشيء مما تقول; أي: ما أصدق بذلك.
فإيمان العبد بالله: تصديقه قولا وعملا وعقدا. وقد سمى الله الصلاة - في كتابه - إيمانا; فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما كان الله ليضيع إيمانكم ; أي: صلاتكم إلى
بيت المقدس.
فالعبد مؤمن، أي: مصدق محقق. والله مؤمن، أي: مصدق ما وعده ومحققه، أو قابل إيمانه.
وقد يكون "المؤمن" من "الأمان"; أي: لا يأمن إلا من أمنه [الله] .
وقد ذكرت الإيمان ووجوهه، في كتاب "تأويل المشكل ".
وهذه الصفة - من صفات الله جل وعز - لا تتصرف تصرف غيرها; لا يقال: أمن الله; كما يقال: تقدس الله. ولا يقال: يؤمن الله; كما يقال: يتقدس الله.
وكذلك يقال: "تعالى الله". وهو تفاعل من "العلو". و"تبارك الله" هو تفاعل من "البركة" و"الله متعال". ولا يقال: متبارك. لم نسمعه.
وإنما ننتهي في صفاته إلى حيث انتهى; فإن كان قد جاء من هذا شيء - عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله، أو عن الأئمة -: جاز أن يطلق، كما أطلق غيره.
[ ص: 11 ] * * *
8-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "المهيمن".
وهو: الشهيد. قال الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ; أي: شاهدا عليه. هكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
أبي صالح عنه.
وروى عنه - من غير هذه الجهة - أنه قال: "أمينا عليه" .
وهذا أعجب إلي; وإن كان التفسيران متقاربين. لأن أهل النظر - من أصحاب اللغة - يرون: أن "مهيمنا" اسم مبني من "آمن" ; كما بني "بطير" و "مبيطر" و "بيطار" من "بطر". قال
الطرماح: كبزغ البطير الثقف رهص الكوادن
[ ص: 12 ] وقال النابغة:
شك المبيطر إذ يشفي من العضد
وكأن الأصل، "مؤيمن"; ثم قلبت الهمزة هاء: لقرب مخرجهما; كما تقلب في "أرقت الماء"، فيقال: هرقت الماء. وقالوا: ماء مهراق; والأصل: ماء مراق. وقالوا: "إبرية وهبرية، وأيهات وهيهات، وإياك وهياك". فأبدلوا من الهمزة هاء. وأنشد
الأخفش: فهياك والأمر الذي إن توسعت ... موارده، ضاقت عليك مصادره
* * *
و"آمين" اسم من أسماء الله. وقال قوم من المفسرين - في قول المصلي بعد فراغه من قراءة أم الكتاب: "آمين"-: [أمين] قصر من ذلك; كأنه قال: يا ألله; وأضمر "استجب لي" -: لأنه لا يجوز أن يظهر هذا في هذا الموضع من الصلاة; إذ كان كلاما.- ثم تحذف ياء النداء.
وهكذا يختار أصحاب اللغة في "أمين": أن يقصروا الألف، ولا يطولوا. وأنشدوا فيه:
[ ص: 13 ] تباعد مني فطحل إذ سألته ... أمين، فزاد الله ما بيننا بعدا
ويفتحونها: لانفرادها، وانقطاعها عما يضمر فيها: من معنى النداء. حتى صارت عندهم معنى "كذلك فعل الله".
وقد أجازوا أيضا "آمين" مطولة الألف. وحكوها عن قوم فصحاء.
وأصلها: "يا أمين" بمعنى: يا ألله. ثم تحذف همزة "أمين" استخفافا لكثرة ما تجرى هذه الكلمة على ألسنة الناس. ومخرجها مخرج "آزيد". يريد: يا زيد. و "آراكب" يريد: يا راكب. وقد سمعنا من فصحاء العرب: "آخبيث"; يريدون: يا خبيث.
وفي ذلك قول آخر; يقال: إنما مدت الألف فيها، ليطول بها الصوت.
كما قالوا: "أوه" مقصورة الألف، ثم قالوا: "آوه" [ممدودة] . يريدون تطويل الصوت بالشكاية. وقالوا: "سقط على حاق رأسه"; أي: على حق رأسه . وكذلك "آمين": أرادوا تطويل الصوت بالدعاء.
وهذا أعجب إلي.
* * *
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب، في مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
[ ص: 14 ] حتى احتوى بيتك المهيمن من ... خندف، علياء تحتها النطق
فإنه أراد: حتى احتويت - يا مهيمن- من خندف علياء; فأقام البيت مقامه: لأن بيته إذا حل بهذا المكان، فقد حل هو به. وهو كما يقال: بيته أعز بيت. وإنما يراد: صاحبه. قال
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة: وحلت بيوتي في يفاع ممنع ... تخال به راعي الحمولة طائرا
ولم يكن بيته في جبل بهذه الصفة; إنما أراد: أني ممتنع على من أرادني، فكأني حللت في يفاع ممنع.
* * *
9-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "الغفور".
وهو من قولك: "غفرت الشيء": إذا غطيته. كما يقال: "كفرته": إذا غطيته. ويقال: كذا أغفر من كذا; أي: أستر. و "غفر الخز والصوف" ما علا فوق الثوب منها: كالزئبر. سمي "غفرا": لأنه ستر الثوب. ويقال لجنة
[ ص: 15 ] الرأس: "مغفر"; لأنها تستر الرأس . فكأن "الغفور": الساتر لعبده برحمته، أو الساتر لذنوبه.
ونحو منه قولهم: "تغمدني برحمتك"; أي: ألبسني إياها. ومنه قيل: "غمد السيف"; لأنه يغمد فيه، أي: يدخل.
* * *
10-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "الواسع".
وهو الغني. والسعة: الغنى. قال الله [:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لينفق ذو سعة من سعته أي] : يعط من سعته.
* * *
11-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "البارئ".
ومعنى "البارئ": الخالق. يقال: برأ الله الخلق يبرؤهم.
و"البرية": الخلق. وأكثر العرب والقراء: على ترك همزها; لكثرة ما جرت على الألسنة. وهي "فعيلة" بمعنى "مفعولة".
ومن الناس من يزعم: أنها مأخوذة من "بريت العود".
ومنهم من يزعم: أنها من "البرى"، وهو: التراب أي: خلق من التراب. وقالوا: لذلك لم يهمز.
[ ص: 16 ] وقد بينت هذا في كتاب "القراءات" وذكرت موضع الأخبار منه.
* * *
12- ومثل البارئ: "الذارئ".
وهو: الخالق. يقال: ذرأ الله الخلق. وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا أي: خلقنا. و "الذرية" منه; لأنها خلق الله من الرجل.
وأكثر القراء
والعرب: على ترك همزها; لكثرة ما يتكلم بها.
ومنهم من يزعم: أنها من "ذروت" أو "ذريت".
* * *
13-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته ما جاء على "فعيل" بمعنى "فاعل"; نحو: "قدير" بمعنى "قادر"، و"بصير" بمعنى "باصر"، و"سميع" بمعنى "سامع"، و"حفيظ" بمعنى "حافظ" و"بديء" بمعنى: "بادئ الخلق"، و"شهيد" بمعنى "شاهد"، و"عليم" بمعنى "عالم"، و"رقيب" بمعنى "راقب" - وهو: الحافظ - و"كفيل" بمعنى "كافل"، و"خبير" بمعنى "خابر"، و"حكيم" بمعنى "حاكم"، و"مجيد" بمعنى "ماجد" وهو: الشريف.
* * *
14- ومن صفاته ما جاء على "فعيل" بمعنى "مفعل"; نحو:
[ ص: 17 ] "بصير" بمعنى "مبصر"، و "بديع الخلق" بمعنى "مبدع الخلق". كما قالوا: "سميع"; بمعنى مسمع. قال
عمرو بن معديكرب: أمن ريحانة الداعي السميع
و"عذاب أليم" أي: مؤلم، و"ضرب وجيع" أي: موجع.
[ومنه] :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86إن الله كان على كل شيء حسيبا ; أي: كافيا. من قولك: "أحسبني هذا الشيء"، أي: كفاني . و"الله حسيبي وحسيبك" أي: كافينا; أي: يكون حكما بيننا كافيا. قال الشاعر:
ونقفي وليد الحي: إن كان جائعا ... ونحسبه: إن كان ليس بجائع
أي: نعطيه ما يكفيه، حتى يقول: حسبي.
وقال بعض المفسرين -في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86إن الله كان على كل شيء حسيبا -: أي محاسبا. وهو -على هذا التأويل- في مذهب "جليس" و "أكيل" و "شريب" و "نديم" و "قعيد".
* * *
15-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته ما جاء على "فعيل": لا يكون منها غير لفظها; نحو: [ ص: 18 ] "قريب" و"جليل" و"حليم" و"عظيم" و"كبير" و"كريم" -وهو الصفوح عن الذنوب- و"وكيل" وهو الكفيل. قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=28والله على ما نقول وكيل nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3وكفى بالله وكيلا nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=123وتوكل عليه ; أي: اجعله كافلك، واعتمد على كفالته لك. ووكيل الرجل في ماله هو الذي كفله له، وقام به.
* * *
16 -
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721ومن صفاته: "الودود".
وفيه قولان. يقال: هو "فعول" بمعنى "مفعول"; كما يقال: رجل هيوب; أي مهيب، يراد به: مودود.
ويقال: هو "فعول" بمعنى "فاعل" كقولك: غفور; بمعنى غافر. أي: يود عباده الصالحين.
وقد تأتي الصفة بالفعل لله ولعبده، فيقال: "العبد شكور لله" أي: يشكر نعمه. و "الله شكور للعبد" أي: يشكر له عمله. و "العبد تواب إلى الله من الذنب"، و "الله تواب عليه".
* * *
17- و "كبرياء الله": شرفه. وهو من "تكبر": إذا أعلا نفسه.
[ ص: 19 ]
18- و "جد الله": عظمته. ومنه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3تعالى جد ربنا .
ومنه يقال في افتتاح الصلاة:
nindex.php?page=hadith&LINKID=667150 "تبارك اسمك، وتعالى جدك" .
يقال: جد الرجل في صدور الناس وفي عيونهم، إذا عظم. ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: "كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران، جد فينا" ; أي: عظم.
19- و "مجد الله": شرفه، وكرمه.
20- و "جبروته": تجبره; أي تعظمه.
21- و "ملكوته": ملكه. ويقال: دار ملكه.
وزيدت التاء فيهما، كما زيدت في "رهبوت" و "رحموت". تقول
العرب: "رهبوت خير من رحموت"; أي: [أن] ترهب خير من أن ترحم.
* * *
22- و "فضل الله": عطاؤه. وكذلك "منه" هو: عطاؤه. يقال: الله ذو من عظيم. ومنه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ; أي أعط أو أمسك. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6ولا تمنن تستكثر ; أي: لا تعط لتأخذ من المكافأة أكثر مما أعطيت.
* * *
23- و "حمد الله": الثناء عليه بصفاته الحسنى. و "شكره":
[ ص: 20 ] الثناء عليه بنعمه وإحسانه. تقول: "حمدت الرجل": إذا أثنيت عليه بكرم وحسب وشجاعة: وأشباه ذلك; و "شكرت له": إذا أثنيت عليه بمعروف أولاكه.
وقد يوضع الحمد موضع الشكر. ولا يوضع الشكر موضع الحمد.
* * *
24- و "أسماء الله الحسنى": الرحمن، والرحيم، والغفور، والشكور; وأشباه ذلك.
* * *
25- والإلحاد في أسمائه: [الجور عن الحق والعدول عنه، وذكر] اللات والعزى، وأشباه ذلك.
* * *
26- و "مثله الأعلى" لا إله إلا الله. ومعنى المثل -ها هنا- معنى الصفة; أي: هذه صفته. وهي أعلى من كل صفة: إذ كانت لا تكون إلا له.
ومثل هذا -مما المثل فيه بمعنى الصفة- قوله في صفة أصحاب رسوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29ذلك مثلهم في التوراة ; أي: صفتهم. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مثل الجنة التي وعد المتقون ; أي: صفتها. وقد بينت هذا في كتاب "المشكل" .
[ ص: 6 ] nindex.php?page=treesubj&link=28721_28723اشْتِقَاقُ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَإِظْهَارُ مَعَانِيهَا
1- "الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ": صِفَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ مِنَ "الرَّحْمَةِ". قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَتَقْدِيرُهُمَا: نَدْمَانُ، وَنَدِيمٌ .
* * *
2-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "السَّلَامُ". قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ: عَبْدَ السَّلَامِ; كَمَا يُقَالُ: عَبْدُ اللَّهِ.
وَيَرَى أَهْلُ النَّظَرِ - مِنْ أَصْحَابِ اللُّغَةِ -: أَنَّ "السَّلَامَ" بِمَعْنَى السَّلَامَةِ; كَمَا يُقَالُ: الرَّضَاعُ وَالرَّضَاعَةُ، وَاللَّذَاذُ وَاللَّذَاذَةُ . قَالَ الشَّاعِرُ:
تُحَيِّي بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ ... فَهَلْ لَكِ - بَعْدَ قَوْمِكِ - مِنْ سَلَامِ؟
فَسَمَّى نَفْسَهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - "سَلَامًا": لِسَلَامَتِهِ مِمَّا يَلْحَقُ الْخَلْقَ: مِنَ الْعَيْبِ وَالنَّقْصِ، وَالْفَنَاءِ وَالْمَوْتِ.
قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=25وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ; فَالسَّلَامُ: اللَّهُ; وَدَارُهُ: الْجَنَّةُ. يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمَّاهَا "سَلَامًا": لِأَنَّ الصَّائِرَ إِلَيْهَا يَسْلَمُ فِيهَا مِنْ
[ ص: 7 ] كُلِّ مَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا: مِنْ مَرَضٍ وَوَصَبٍ، وَمَوْتٍ وَهَرَمٍ; وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. فَهِيَ دَارُ السَّلَامِ. وَمِثْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=127لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ .
وَمِنْهُ يُقَالُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. يُرَادُ: اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمْ. كَمَا يُقَالُ: اسْمُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ
لَبِيدٌ، فَقَالَ:
إِلَى الْحَوْلِ، ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا ... وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ [مَعْنَى] "السَّلَامُ عَلَيْكُمُ": السَّلَامَةُ لَكُمْ. وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى، يَذْهَبُ مَنْ قَالَ: "سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَأَقْرِئْ فُلَانًا سَلَامَ اللَّهِ".
وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=90وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=91فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ; يُرِيدُ: فَسَلَامَةٌ لَكَ مِنْهُمْ; أَيْ: يُخْبِرُكَ عَنْهُمْ بِسَلَامَةٍ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ.
وَيُسَمَّى الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ "سَلَامًا": لِأَنَّهُ سَلِمَ مِنَ الْعَيْبِ وَالْإِثْمِ. قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ; أَيْ: سَدَادًا مِنَ الْقَوْلِ.
* * *
3-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الْقَيُّومُ" وَ "الْقَيَّامُ". وَقُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا.
وَهُمَا "فَيْعُولٌ" وَ "فَيْعَالٌ" . مِنْ "قُمْتُ بِالشَّيْءِ": إِذَا وَلِيتُهُ. كَأَنَّهُ الْقَيِّمُ بِكُلِّ شَيْءٍ. وَمِثْلُهُ فِي التَّقْدِيرِ قَوْلُهُمْ: مَا فِيهَا دَيُّورٌ وَدَيَّارٌ .
[ ص: 8 ]
4-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "سُبُّوحٌ".
وَهُوَ حَرْفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى "فُعُّولٍ"; مِنْ "سَبَّحَ اللَّهَ": إِذَا نَزَّهَهُ وَبَرَّأَهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ.
وَمِنْهُ قِيلَ: سُبْحَانَ اللَّهِ; أَيْ: تَنْزِيهًا لِلَّهِ، وَتَبْرِئَةً لَهُ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=1يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ .
وَقَالَ
الْأَعْشَى: أَقُولُ لَمَّا جَاءَنَا فَخْرُهُ ... سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِرِ
أَرَادَ: التَّبَرُّؤَ مِنْ عَلْقَمَةَ. وَقَدْ يَكُونُ تَعَجَّبَ [بِالتَّسْبِيحِ مِنْ فَخْرِهِ; كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ إِذَا تَعَجَّبَ] مِنْ شَيْءٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ.
فَكَأَنَّهُ قَالَ: عَجَبًا مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِرِ.
* * *
5-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "قُدُّوسٌ".
وَهُوَ حَرْفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى "فُعُّولٍ"; مِنَ "الْقُدْسِ" وَهُوَ: الطَّهَارَةُ.
وَمِنْهُ قِيلَ: "الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ" ; يُرَادُ: الْمُطَهَّرَةُ بِالتَّبْرِيكِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ حِكَايَةً عَنِ الْمَلَائِكَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ; أَيْ: نَنْسُبُكَ
[ ص: 9 ] إِلَى الطَّهَارَةِ. وَ"نُقَدِّسُكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ" وَ"نُسَبِّحُ لَكَ وَنُسَبِّحُكَ" بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَحَظِيرَةُ الْقُدْسِ - فِيمَا قَالَهُ أَهْلُ النَّظَرِ - هِيَ: الْجَنَّةُ. لِأَنَّهَا مَوْضِعُ الطَّهَارَةِ مِنَ الْأَدْنَاسِ الَّتِي تَكُونُ فِي الدُّنْيَا: مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْحَيْضُ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
* * *
6-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الرَّبُّ".
وَالرَّبُّ: الْمَالِكُ. يُقَالُ: هَذَا رَبُّ الدَّارِ، وَرَبُّ الضَّيْعَةِ، وَرَبُّ الْغُلَامِ. أَيْ: مَالِكُهُ; قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=50ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ; أَيْ: إِلَى سَيِّدِكَ.
وَلَا يُقَالُ لِمَخْلُوقٍ: هَذَا الرَّبُّ; مُعَرَّفًا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ; كَمَا يُقَالُ لِلَّهِ. إِنَّمَا يُقَالُ: هَذَا رَبُّ كَذَا. فَيُعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ. لِأَنَّ اللَّهَ مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ. فَإِذَا قِيلَ: الرَّبُّ; دَلَّتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ عَلَى مَعْنَى الْعُمُومِ. وَإِذَا قِيلَ لِمَخْلُوقٍ: رَبُّ كَذَا وَرَبُّ كَذَا; نُسِبَ إِلَى شَيْءٍ خَاصٍّ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ [شَيْئًا] غَيْرَهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ قِيلَ: "اللَّهُ"; فَأَلْزَمَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ: لِيُدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّهُ إِلَهُ كُلِّ شَيْءٍ. وَكَانَ الْأَصْلُ: "الْإِلَاهُ". فَتُرِكَتِ الْهَمْزَةُ: لِكَثْرَةِ مَا يَجْرِي ذِكْرُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى الْأَلْسِنَةِ; وَأُدْغِمَتْ لَامُ الْمَعْرِفَةِ فِي اللَّامِ الَّتِي لَقِيَتْهَا; وَفُخِّمَتْ وَأُشْبِعَتْ حَتَّى طَبَّقَ اللِّسَانُ بِهَا الْحَنَكَ: لِفَخَامَةِ ذِكْرِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى; وَلِيُفَرِّقَ أَيْضًا - عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِذِكْرِهِ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّاتِ [وَالْعُزَّى] .
* * *
7-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الْمُؤْمِنُ".
وَأَصْلُ الْإِيمَانِ: التَّصْدِيقُ. قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=17وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [ ص: 10 ] ; أَيْ: وَمَا أَنْتَ بِمُصَدِّقٍ وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ. وَيُقَالُ [فِي الْكَلَامِ] : مَا أُومِنُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقُولُ; أَيْ: مَا أُصَدِّقُ بِذَلِكَ.
فَإِيمَانُ الْعَبْدِ بِاللَّهِ: تَصْدِيقُهُ قَوْلًا وَعَمَلًا وَعَقْدًا. وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الصَّلَاةَ - فِي كِتَابِهِ - إِيمَانًا; فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ; أَيْ: صَلَاتَكُمْ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
فَالْعَبْدُ مُؤْمِنٌ، أَيْ: مُصَدِّقٌ مُحَقِّقٌ. وَاللَّهُ مُؤْمِنٌ، أَيْ: مُصَدِّقٌ مَا وَعَدَهُ وَمُحَقِّقُهُ، أَوْ قَابِلٌ إِيمَانَهُ.
وَقَدْ يَكُونُ "الْمُؤْمِنُ" مِنَ "الْأَمَانِ"; أَيْ: لَا يَأْمَنُ إِلَّا مَنْ أَمَّنَهُ [اللَّهُ] .
وَقَدْ ذَكَرْتَ الْإِيمَانَ وَوُجُوهَهُ، فِي كِتَابِ "تَأْوِيلِ الْمُشْكَلِ ".
وَهَذِهِ الصِّفَةُ - مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ - لَا تَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ غَيْرِهَا; لَا يُقَالُ: أَمِنَ اللَّهُ; كَمَا يُقَالُ: تَقَدَّسَ اللَّهُ. وَلَا يُقَالُ: يُؤْمِنُ اللَّهُ; كَمَا يُقَالُ: يَتَقَدَّسُ اللَّهُ.
وَكَذَلِكَ يُقَالُ: "تَعَالَى اللَّهُ". وَهُوَ تَفَاعُلٌ مِنَ "الْعُلُوِّ". وَ"تَبَارَكَ اللَّهُ" هُوَ تَفَاعُلٌ مِنَ "الْبَرَكَةِ" وَ"اللَّهُ مُتَعَالٍ". وَلَا يُقَالُ: مُتَبَارِكٌ. لَمْ نَسْمَعْهُ.
وَإِنَّمَا نَنْتَهِي فِي صِفَاتِهِ إِلَى حَيْثُ انْتَهَى; فَإِنَّ كَانَ قَدْ جَاءَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ - عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، أَوْ عَنِ الْأَئِمَّةِ -: جَازَ أَنْ يُطَلَقَ، كَمَا أُطْلِقَ غَيْرُهُ.
[ ص: 11 ] * * *
8-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الْمُهَيْمِنُ".
وَهُوَ: الشَّهِيدُ. قَالَ اللَّهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابَ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ; أَيْ: شَاهِدًا عَلَيْهِ. هَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ
أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْهُ - مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ - أَنَّهُ قَالَ: "أَمِينًا عَلَيْهِ" .
وَهَذَا أَعْجَبُ إِلَيَّ; وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرَانِ مُتَقَارَبَيْنِ. لِأَنَّ أَهْلَ النَّظَرِ - مِنْ أَصْحَابِ اللُّغَةِ - يَرَوْنَ: أَنْ "مُهَيْمِنًا" اسْمٌ مَبْنِيٌّ مِنْ "آمَنَ" ; كَمَا بُنِيَ "بَطِيرٌ" وَ "مُبَيْطِرٌ" وَ "بَيْطَارٌ" مِنْ "بَطَرَ". قَالَ
الطِّرِمَّاحُ: كَبَزْغِ الْبَطِيرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الْكَوَادِنِ
[ ص: 12 ] وَقَالَ النَّابِغَةُ:
شَكَّ الْمُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ الْعَضَدِ
وَكَأَنَّ الْأَصْلَ، "مُؤَيْمِنٌ"; ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً: لِقُرْبِ مَخْرَجِهِمَا; كَمَا تُقْلَبُ فِي "أَرَقْتُ الْمَاءَ"، فَيُقَالُ: هَرَقْتُ الْمَاءَ. وَقَالُوا: مَاءٌ مُهَرَاقٌ; وَالْأَصْلُ: مَاءٌ مُرَاقٌ. وَقَالُوا: "إِبْرِيَةٌ وَهِبْرِيَةٌ، وَأَيْهَاتَ وَهَيْهَاتَ، وَإِيَّاكَ وَهِيَّاكَ". فَأَبْدَلُوا مِنَ الْهَمْزَةِ هَاءً. وَأَنْشُدُ
الْأَخْفَشَ: فَهِيَّاكَ وَالْأَمْرَ الَّذِي إِنْ تَوَسَّعَتْ ... مَوَارِدُهُ، ضَاقَتْ عَلَيْكَ مَصَادِرُهْ
* * *
وَ"آمِينَ" اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ - فِي قَوْلِ الْمُصَلِّي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْكِتَابِ: "آمِينَ"-: [أَمِينَ] قُصِّرَ مِنْ ذَلِكَ; كَأَنَّهُ قَالَ: يَا أَلِلَّهُ; وَأَضْمَرَ "اسْتَجِبْ لِي" -: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ هَذَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ الصَّلَاةِ; إِذْ كَانَ كَلَامًا.- ثُمَّ تُحْذَفُ يَاءُ النِّدَاءِ.
وَهَكَذَا يَخْتَارُ أَصْحَابُ اللُّغَةِ فِي "أَمِينَ": أَنْ يَقْصُرُوا الْأَلِفَ، وَلَا يُطَوِّلُوا. وَأَنْشَدُوا فِيهِ:
[ ص: 13 ] تَبَاعَدَ مِنِّي فُطْحُلٌ إِذْ سَأَلْتُهُ ... أَمِينَ، فَزَادَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدَا
وَيَفْتَحُونَهَا: لِانْفِرَادِهَا، وَانْقِطَاعِهَا عَمَّا يُضْمِرُ فِيهَا: مِنْ مَعْنَى النِّدَاءِ. حَتَّى صَارَتْ عِنْدَهُمْ مَعْنَى "كَذَلِكَ فَعَلَ اللَّهُ".
وَقَدْ أَجَازُوا أَيْضًا "آمِينَ" مُطَوَّلَةَ الْأَلِفِ. وَحَكَوْهَا عَنْ قَوْمٍ فُصَحَاءَ.
وَأَصْلُهَا: "يَا أَمِينُ" بِمَعْنَى: يَا أَلَّلَهُ. ثُمَّ تُحْذَفُ هَمْزَةُ "أَمِينٍ" اسْتِخْفَافًا لِكَثْرَةِ مَا تُجْرَى هَذِهِ الْكَلِمَةُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ. وَمَخْرَجُهَا مُخْرِجُ "آزَيْدُ". يُرِيدُ: يَا زَيْدُ. وَ "آرَاكِبُ" يُرِيدُ: يَا رَاكِبُ. وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ: "آخَبِيثُ"; يُرِيدُونَ: يَا خَبِيثُ.
وَفِي ذَلِكَ قَوْلٌ آخَرُ; يُقَالُ: إِنَّمَا مُدَّتِ الْأَلِفُ فِيهَا، لِيَطُولَ بِهَا الصَّوْتُ.
كَمَا قَالُوا: "أَوِّهْ" مَقْصُورَةَ الْأَلِفِ، ثُمَّ قَالُوا: "آوَّهْ" [مَمْدُودَةً] . يُرِيدُونَ تَطْوِيلَ الصَّوْتِ بِالشِّكَايَةِ. وَقَالُوا: "سَقَطَ عَلَى حَاقِّ رَأْسِهِ"; أَيْ: عَلَى حَقِّ رَأْسِهِ . وَكَذَلِكَ "آمِينَ": أَرَادُوا تَطْوِيلَ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ.
وَهَذَا أَعْجَبُ إِلَيَّ.
* * *
وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فِي مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
[ ص: 14 ] حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ، عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ
فَإِنَّهُ أَرَادَ: حَتَّى احْتَوَيْتَ - يَا مُهَيْمِنُ- مِنْ خَنْدَفَ عَلْيَاءَ; فَأَقَامَ الْبَيْتَ مُقَامَهُ: لِأَنَّ بَيْتَهُ إِذَا حَلَّ بِهَذَا الْمَكَانِ، فَقَدْ حَلَّ هُوَ بِهِ. وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: بَيْتُهُ أَعَزُّ بَيْتٍ. وَإِنَّمَا يُرَادُ: صَاحِبُهُ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8572النَّابِغَةُ: وَحَلَّتْ بُيُوتِي فِي يَفَاعٍ مُمَنَّعٍ ... تَخَالُ بِهِ رَاعِيَ الْحُمُولَةِ طَائِرَا
وَلَمْ يَكُنْ بَيْتُهُ فِي جَبَلٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ; إِنَّمَا أَرَادَ: أَنِّي مُمْتَنِعٌ عَلَى مَنْ أَرَادَنِي، فَكَأَنِّي حَلَلْتُ فِي يِفَاعٍ مُمَنَّعٍ.
* * *
9-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الْغَفُورُ".
وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: "غَفَرْتُ الشَّيْءَ": إِذَا غَطَّيْتَهَ. كَمَا يُقَالُ: "كَفَرْتُهُ": إِذَا غَطَّيْتَهُ. وَيُقَالُ: كَذَا أَغْفَرُ مِنْ كَذَا; أَيْ: أَسْتَرُ. وَ "غَفْرُ الْخَزِّ وَالصُّوفِ" مَا عَلَا فَوْقَ الثَّوْبِ مِنْهَا: كَالزِّئْبِرِ. سُمِّيَ "غَفَرَا": لِأَنَّهُ سَتَرَ الثَّوْبَ. وَيُقَالُ لِجُنَّةِ
[ ص: 15 ] الرَّأْسُ: "مِغْفَرٌ"; لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الرَّأْسَ . فَكَأَنَّ "الْغَفُورُ": السَّاتِرُ لِعَبْدِهِ بِرَحْمَتِهِ، أَوِ السَّاتِرُ لِذُنُوبِهِ.
وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: "تَغَمَّدْنِي بِرَحْمَتِكَ"; أَيْ: أَلْبَسَنِي إِيَّاهَا. وَمِنْهُ قِيلَ: "غِمْدُ السَّيْفِ"; لِأَنَّهُ يُغْمِدُ فِيهِ، أَيْ: يُدْخِلُ.
* * *
10-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الْوَاسِعُ".
وَهُوَ الْغَنِيُّ. وَالسَّعَةُ: الْغِنَى. قَالَ اللَّهُ [:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ أَيْ] : يُعْطِ مِنْ سِعَتِهِ.
* * *
11-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الْبَارِئُ".
وَمَعْنَى "الْبَارِئِ": الْخَالِقُ. يُقَالُ: بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَبْرَؤُهُمْ.
وَ"الْبَرِيَّةُ": الْخَلْقُ. وَأَكْثَرُ الْعَرَبِ وَالْقُرَّاءِ: عَلَى تَرْكِ هَمْزِهَا; لِكَثْرَةِ مَا جَرَتْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ. وَهِيَ "فَعِيلَةٌ" بِمَعْنَى "مَفْعُولَةٍ".
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ "بَرَيْتُ الْعُودَ".
وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ: أَنَّهَا مِنَ "الْبَرَى"، وَهُوَ: التُّرَابُ أَيْ: خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ. وَقَالُوا: لِذَلِكَ لَمْ يُهْمِزْ.
[ ص: 16 ] وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذَا فِي كِتَابِ "الْقِرَاءَاتِ" وَذَكَرْتُ مَوْضِعَ الْأَخْبَارِ مِنْهُ.
* * *
12- وَمِثْلُ الْبَارِئِ: "الذَّارِئُ".
وَهُوَ: الْخَالِقُ. يُقَالُ: ذَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ. وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا أَيْ: خَلَقْنَا. وَ "الذُّرِّيَّةُ" مِنْهُ; لِأَنَّهَا خَلْقُ اللَّهِ مِنَ الرَّجُلِ.
وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ
وَالْعَرَبِ: عَلَى تَرْكِ هَمْزِهَا; لِكَثْرَةِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ: أَنَّهَا مِنْ "ذَرَوْتُ" أَوْ "ذَرَيْتُ".
* * *
13-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ مَا جَاءَ عَلَى "فَعِيلٍ" بِمَعْنَى "فَاعِلٍ"; نَحْوُ: "قَدِيرٍ" بِمَعْنَى "قَادِرٍ"، وَ"بَصِيرٍ" بِمَعْنَى "بَاصِرٍ"، وَ"سَمِيعٍ" بِمَعْنَى "سَامِعٍ"، وَ"حَفِيظٍ" بِمَعْنَى "حَافِظٍ" وَ"بَدِيءٍ" بِمَعْنَى: "بَادِئِ الْخَلْقِ"، وَ"شَهِيدٍ" بِمَعْنَى "شَاهِدٍ"، وَ"عَلِيمٍ" بِمَعْنَى "عَالِمٍ"، وَ"رَقِيبٍ" بِمَعْنَى "رَاقِبٍ" - وَهُوَ: الْحَافِظُ - وَ"كَفِيلٍ" بِمَعْنَى "كَافِلٍ"، وَ"خَبِيرٍ" بِمَعْنَى "خَابِرٍ"، وَ"حَكِيمٍ" بِمَعْنَى "حَاكِمٍ"، وَ"مَجِيدٍ" بِمَعْنَى "مَاجِدٍ" وَهُوَ: الشَّرِيفُ.
* * *
14- وَمِنْ صِفَاتِهِ مَا جَاءَ عَلَى "فَعِيلٍ" بِمَعْنَى "مُفْعِلٍ"; نَحْوُ:
[ ص: 17 ] "بَصِيرٍ" بِمَعْنَى "مُبْصِرٍ"، وَ "بَدِيعِ الْخَلْقِ" بِمَعْنَى "مُبْدِعِ الْخَلْقِ". كَمَا قَالُوا: "سَمِيعٌ"; بِمَعْنَى مُسْمِعٍ. قَالَ
عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ: أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ
وَ"عَذَابٌ أَلِيمٌ" أَيْ: مُؤْلِمٌ، وَ"ضَرْبٌ وَجِيعٌ" أَيْ: مُوجِعٌ.
[وَمِنْهُ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ; أَيْ: كَافِيًا. مِنْ قَوْلِكَ: "أَحْسَبَنِي هَذَا الشَّيْءُ"، أَيْ: كَفَانِي . وَ"اللَّهُ حَسِيبِي وَحَسِيبُكَ" أَيْ: كَافِينَا; أَيْ: يَكُونُ حَكَمًا بَيْنَنَا كَافِيًا. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَنُقْفِي وَلِيدَ الْحَيِّ: إِنْ كَانَ جَائِعًا ... وَنُحْسِبُهُ: إِنْ كَانَ لَيْسَ بِجَائِعِ
أَيْ: نُعْطِيهِ مَا يَكْفِيهِ، حَتَّى يَقُولَ: حَسْبِي.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ -فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا -: أَيْ مُحَاسِبًا. وَهُوَ -عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ- فِي مَذْهَبِ "جَلِيسٍ" وَ "أَكِيلٍ" وَ "شَرِيبٍ" وَ "نَدِيمٍ" وَ "قَعِيدٍ".
* * *
15-
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ مَا جَاءَ عَلَى "فَعِيلٍ": لَا يَكُونُ مِنْهَا غَيْرُ لَفْظِهَا; نَحْوُ: [ ص: 18 ] "قَرِيبٍ" وَ"جَلِيلٍ" وَ"حَلِيمٍ" وَ"عَظِيمٍ" وَ"كَبِيرٍ" وَ"كَرِيمٍ" -وَهُوَ الصَّفُوحُ عَنِ الذُّنُوبِ- وَ"وَكِيلٌ" وَهُوَ الْكَفِيلُ. قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=28وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=123وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ; أَيِ: اجْعَلْهُ كَافِلَكَ، وَاعْتَمِدْ عَلَى كَفَالَتِهِ لَكَ. وَوَكِيلُ الرَّجُلِ فِي مَالِهِ هُوَ الَّذِي كَفَلَهُ لَهُ، وَقَامَ بِهِ.
* * *
16 -
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28721وَمِنْ صِفَاتِهِ: "الْوَدُودُ".
وَفِيهِ قَوْلَانِ. يُقَالُ: هُوَ "فَعُولٌ" بِمَعْنَى "مَفْعُولٍ"; كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ هَيُوبٌ; أَيْ مَهِيبٌ، يُرَادُ بِهِ: مَوْدُودٌ.
وَيُقَالُ: هُوَ "فَعُوِّلَ" بِمَعْنَى "فَاعِلٍ" كَقَوْلِكَ: غَفُورٌ; بِمَعْنَى غَافِرٍ. أَيْ: يَوَدُّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ.
وَقَدْ تَأْتِي الصِّفَةُ بِالْفِعْلِ لِلَّهِ وَلِعَبْدِهِ، فَيُقَالُ: "الْعَبْدُ شَكُورٌ لِلَّهِ" أَيْ: يَشْكُرُ نِعَمَهُ. وَ "اللَّهُ شَكُورٌ لِلْعَبْدِ" أَيْ: يَشْكُرُ لَهُ عَمَلَهُ. وَ "الْعَبْدُ تَوَّابٌ إِلَى اللَّهِ مِنَ الذَّنْبِ"، وَ "اللَّهُ تَوَّابٌ عَلَيْهِ".
* * *
17- وَ "كِبْرِيَاءُ اللَّهِ": شَرَفُهُ. وَهُوَ مَنْ "تَكَبَّرَ": إِذَا أَعَلَا نَفْسَهُ.
[ ص: 19 ]
18- وَ "جَدُّ اللَّهِ": عَظَمَتُهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا .
وَمِنْهُ يُقَالُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=667150 "تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ" .
يُقَالُ: جَدَّ الرَّجُلُ فِي صُدُورِ النَّاسِ وَفِي عُيُونِهِمْ، إِذَا عَظُمَ. وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ: "كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، جَدَّ فِينَا" ; أَيْ: عَظُمَ.
19- وَ "مَجْدُ اللَّهِ": شَرَفُهُ، وَكَرَمُهُ.
20- وَ "جَبَرُوتُهُ": تَجَبُّرُهُ; أَيْ تَعَظُّمُهُ.
21- وَ "مَلَكُوتُهُ": مُلْكُهُ. وَيُقَالُ: دَارُ مُلْكِهِ.
وَزِيدَتِ التَّاءُ فِيهِمَا، كَمَا زِيدَتْ فِي "رَهَبُوتٍ" وَ "رَحَمُوتٍ". تَقُولُ
الْعَرَبُ: "رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ"; أَيْ: [أَنْ] تُرْهَبَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ.
* * *
22- وَ "فَضْلُ اللَّهِ": عَطَاؤُهُ. وَكَذَلِكَ "مَنُّهُ" هُوَ: عَطَاؤُهُ. يُقَالُ: اللَّهُ ذُو مَنٍّ عَظِيمٍ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ; أَيْ أُعْطِ أَوْ أُمْسِكْ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ; أَيْ: لَا تُعْطِ لِتَأْخُذَ مِنَ الْمُكَافَأَةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَيْتَ.
* * *
23- وَ "حَمْدُ اللَّهِ": الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ الْحُسْنَى. وَ "شُكْرُهُ":
[ ص: 20 ] الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ. تَقُولُ: "حَمِدْتُ الرَّجُلَ": إِذَا أَثْنَيْتَ عَلَيْهِ بِكَرَمٍ وَحَسَبٍ وَشَجَاعَةٍ: وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ; وَ "شَكَرْتَ لَهُ": إِذَا أَثْنَيْتَ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ أَوْلَاكَهُ.
وَقَدْ يُوضَعُ الْحَمْدُ مَوْضِعُ الشُّكْرِ. وَلَا يُوضَعُ الشُّكْرُ مَوْضِعَ الْحَمْدِ.
* * *
24- وَ "أَسْمَاءُ اللَّهِ الْحُسْنَى": الرَّحْمَنُ، وَالرَّحِيمُ، وَالْغَفُورُ، وَالشَّكُورُ; وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.
* * *
25- وَالْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ: [الْجَوْرُ عَنِ الْحَقِّ وَالْعُدُولُ عَنْهُ، وَذِكْرُ] اللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
* * *
26- وَ "مَثَلُهُ الْأَعْلَى" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَمَعْنَى الْمَثَلِ -هَا هُنَا- مَعْنَى الصِّفَةِ; أَيْ: هَذِهِ صِفَتُهُ. وَهِيَ أَعْلَى مِنْ كُلِّ صِفَةٍ: إِذْ كَانَتْ لَا تَكُونُ إِلَّا لَهُ.
وَمِثْلُ هَذَا -مِمَّا الْمَثَلُ فِيهِ بِمَعْنَى الصِّفَةِ- قَوْلُهُ فِي صِفَةِ أَصْحَابِ رَسُولِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ; أَيْ: صِفَتُهُمْ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ; أَيْ: صِفَتُهَا. وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذَا فِي كِتَابِ "الْمُشْكِلِ" .