[ ص: 149 ] 742 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام الضوال
4719 - حدثنا ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي أبو حيان التيمي ، عن الضحاك بن منذر ، عن منذر ، وهو ابن جرير ، قال : فيها بقرة أنكرها ، فقال للراعي : ما هذه البقرة ؟ فقال : بقرة لحقت بالبقر لا أدري لمن هي ، فأمر بها جرير جرير ، فطردت حتى توارت ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يأوي الضالة إلا ضال كنا في البوازيج فراحت البقر ، فرأى .
[ ص: 150 ] قال : فكان في هذا الحديث ، إعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أنه لا يأوي الضال إلا ضال ، واستعمل ما قاله عليه السلام أبو جعفر جرير بعده في البقرة التي لحقت ببقره .
ووجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوعيد في الضوال وإخباره الناس أنها حرق النار .
[ ص: 151 ]
4720 - ما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير أبي مسلم الجذمي ، عن الجارود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضالة المسلم حرق النار .
4721 - وما قد حدثنا ، حدثنا محمد بن علي بن داود ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن يزيد أخي مطرف أبي [ ص: 152 ] مسلم الجذمي ، عن الجارود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .
4722 - وما قد حدثنا ، حدثنا محمد بن علي ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثني يحيى بن سعيد ، يعني : القطان ، حدثنا حميد ، عن الحسن ، عن مطرف بن الشخير أبيه ، قال : بني عامر [ ص: 153 ] فقال : ألا أحملكم ؟ قلنا : نجد في الطريق هوامي الإبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضالة المسلم حرق النار قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من .
4723 - وما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا سعيد بن عامر ، عن شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير أبي مسلم ، عن الجارود ، قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على إبل عجاف ، فقلنا : يا رسول الله ، إنا نمر بالجرف فنجد إبلا فنركبها ، فقال رسول [ ص: 154 ] الله صلى الله عليه وسلم : ضالة المسلم حرق النار .
4724 - وما قد حدثنا ، أخبرنا أحمد بن شعيب موسى بن عبد الرحمن ، أخبرنا ، عن أبو أسامة ، عن سفيان ، عن خالد الحذاء ، عن يزيد بن عبد الله ، عن مطرف الجارود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ضالة المسلم حرق النار ، فلا تقربنها .
[ ص: 155 ]
4725 - وما قد حدثنا أحمد ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، عن ، عن يزيد ، يعني : ابن زريع ، عن الجريري ، عن أبي العلاء ، عن مطرف أبي مسلم الجذمي ، هكذا قال : عن الجارود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضالة المسلم حريق النار ، فلا تقربنها ثلاثا .
قال : ثم نظرنا هل يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل [ ص: 156 ] على أن ذلك القول مستعمل في كل الأحوال ، أو في خاص منها . أبو جعفر
4726 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا عمي أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثني عبد الله بن وهب أن عمرو بن الحارث أخبره ، عن بكر بن سوادة ، عن أبي سالم الجيشاني زيد بن خالد الجهني ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من آوى ضالة فهو ضال ، ما لم يعرفها .
4727 - ووجدنا فهدا قد حدثنا ، قال : حدثنا ، أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرني يحيى بن أيوب أن عمرو بن الحارث أخبره ، عن بكر بن سوادة ، عن أبي سالم الجيشاني زيد بن خالد الجهني ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكره مثله .
فعقلنا بذلك : أن الإيواء الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول الذي ذكرناه في أول هذا الباب ، وفي الأحاديث الثانية التي [ ص: 157 ] ذكرناها بعده : إنما هو الإيواء الذي ليس معه التعريف ، وعقلنا بهذا الحديث : أن الإيواء الذي معه التعريف محمود من صاحبه ، وأنه في ذلك بخلاف الضال الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيواء الضالة ضالا ، فنظرنا : هل نجده روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذه الآثار ؟
4728 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، أخبرني ابن وهب ، عمرو بن الحارث ، ومالك بن أنس أن وسفيان الثوري حدثهم ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن يزيد مولى المنبعث ، عن زيد بن خالد الجهني أنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه ، فسأله عن اللقطة ، فقال : اعرف عفاصها ووكاءها ، ثم عرفها سنة ، فإن جاء صاحبها ، وإلا فشأنك بها ، قال : فضالة الغنم ، قال : لك أو لأخيك أو للذئب ، قال : فضالة الإبل ، قال : معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها .
[ ص: 158 ]
4729 - ووجدنا فهد بن سليمان قد حدثانا ، قالا : حدثنا وعلي بن عبد الرحمن ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثني يحيى بن أيوب ، حدثني محمد بن عجلان القعقاع بن حكيم ، عن ، عن أبي صالح ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة أنه سئل عن ضالة الغنم ، قال : لك أو لأخيك أو للذئب ، وسئل عن ضالة الإبل ، فقال : ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ، دعها حتى يجدها ربها .
[ ص: 159 ]
4730 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، أخبرني ابن وهب عمرو بن الحارث ، عن وهشام بن سعد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلا من مزينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله : كيف ترى في ضالة الغنم ، قال : طعام مأكول لك ، أو لأخيك ، أو للذئب ، احبس على أخيك ضالته ، قال : يا رسول الله ، فكيف ترى في ضالة الإبل ، قال : ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ، وليس يخاف عليها الذئب ، تأكل الكلأ ، وترد الماء حتى يأتي طالبها .
[ ص: 160 ] قال : فكان فيما روينا من حديثي أبو جعفر عبد الله بن عمرو وزيد بن خالد الجهني ، ما قد دل على إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ما أباح أخذه من الضوال الموجودة ، وكان ذلك الأخذ على تصحيح حديث أبي سالم ، عن زيد بن خالد هو الأخذ الذي معه التعريف لا ما سواه ، وكان فيه في ضالة الإبل ما ظاهره خلاف ذلك ، لأن فيه ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها ، فاحتمل أن يكون ذلك إنما أمر به في ضالة الإبل لما أنه لا يخاف عليها ، فاتسع بذلك لمن وجدها تركها ، إذ لا خوف عليها فيتسع له أخذها من أجله .
ثم وجدنا ما قد يكون مخوفا عليها من غير الذئب مما يخاف عليها من الأيدي المذمومة التي لا يؤمن عليها ، ولا يعرف بها إن وقعت فيها ، وتكون الأيدي التي لا يخافها المأمونة عليها والمعروفة بها بعد أخذها ، بخلاف ذلك ، ويكون ما في حديث أبي سالم ، عن زيد بن خالد مبيحا أخذها لتعريفها ولردها على صاحبها متى قدر عليه ، لأن حديث زيد بن خالد هذا لا يفرق بين ضوال الإبل وضوال ما سواها .
وقد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على هذا المعنى .
كما حدثنا ، أخبرني يونس بن عبد الأعلى ، عن أنس بن عياض الليثي ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يحدث أن سليمان بن يسار ثابت بن الضحاك حدثه [ ص: 161 ] ، فأمره أن يعرفه ، فقال : قد عرفته ، فشغل علي غلامي ، فذكر أنه قال له : أرسله حيث أخذته لعمر بن الخطاب . أنه وجد بعيرا ، فذكره
وكما قد حدثنا ، أخبرنا يونس أن ابن وهب حدثه ، عن مالكا ، ثم ذكر بإسناده مثله ، غير أنه لم يذكر غلامه فيه . يحيى بن سعيد
وكما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا القعنبي ، فذكر بإسناده مثله . مالك
[ ص: 162 ] قال : أبو جعفر وثابت بن الضحاك هو رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أخذ البعير الضال ليعرفه ، ووقف عمر على ذلك منه ، فلم ينكره عليه ، ولم يعنفه في أخذه إياه ، فدل ذلك في أمر الضوال من الإبل على ما ذكرنا .
وأحكام الضوال عندنا كأحكام اللقطة سواء ، وقد خالفنا في ذلك مخالف ، فزعم أن اللقطة خلاف الضوال ، وأن الضوال ما ضل بنفسه ، وأن اللقطة بخلاف ذلك ، فجعل أحكام اللقطة ما في حديث زيد بن خالد ، وجعل أحكام الضوال على ما في الأحاديث الأخر ، فأباح أخذ اللقطة ، ومنع من أخذ الضوال .
فتأملنا ما قال من ذلك ، فوجدنا كتاب الله عز وجل قد دفعه ، وهو قوله عز وجل : ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا ، فجعل عز وجل فقدهم إياهم ضلالا لهم بهم عنهم .
ومثل ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث فقد قلادتها : عائشة إن أمكم أضلت قلادتها فابتغوها ، فدل ذلك على أن الفقد لما له روح ، ولما لا روح له ، قد يطلق عليه أنه ضال ، وفيما ذكرنا ما قد دل على أن أحكام الضوال وأحكام اللقطة في جميع ما ذكرنا سواء .
[ ص: 163 ] وهكذا كان وأصحابه يقولون في هذا ، وقد ذكرنا اختلافهم في يد الملتقط ، وأن بعضهم جعلها ضامنة إذا لم يشهد ملتقطها على أنه إنما التقط ما التقطه للتعريف والحفظ على صاحبها . أبو حنيفة
وأن بعضهم جعلها يد أمانة لا ضمان معها ، أشهد ملتقطها عندما التقطها ، أو لم يشهد .
ثم وجدنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على حكمها ، وأنها يد أمانة غير ضامنة ، وهو ما قد .
4731 - حدثنا ، حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة . عبد الله بن مسلمة بن قعنب
4732 - وما قد حدثنا روح بن الفرج ، حدثنا عبد الله بن محمد الفهمي قالا : أخبرنا ، قال سليمان بن بلال في حديثه ، عن علي بن عبد الرحمن ، ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن ويحيى بن سعيد يزيد مولى المنبعث ، أنه سمع زيد بن خالد ، وقال روح في حديثه ، قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن وربيعة يزيد مولى المنبعث ، عن زيد بن خالد الجهني ، ثم اجتمعا فقالا : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة الذهب والورق ، فقال : اعرف وكاءها وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم يعرفها أحد فاستمتع بها ، ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء لها طالب يوما من الدهر ، فأدها إليه ، ثم ذكر بقية حديث [ ص: 164 ] ، عمرو بن الحارث ، ومالك بن أنس وسفيان الثوري ، عن ربيعة ، عن يزيد مولى المنبعث ، الذي قد ذكرناه فيما تقدم منا في هذا الباب .
[ ص: 165 ] فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، أن اللقطة تكون وديعة عند الملتقط لها حتى يلقى ربها بغير إشهاد ذكره في التقاطه إياها ، كالوديعة فالذي هي في يده أمين عليها غير ضامن لها .
ففي ذلك ما قد دل على أن كونها في يد الملتقط لها إذا كان يريد بها ما أمره النبي صلى الله عليه وسلم ، فيده فيها يد أمانة عليها ، لا يد ضمان لها . ووجدنا أيضا في حديث الذي ذكرناه في هذا الباب من حديث عبد الله بن عمرو عمرو بن شعيب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائله عن ضالة الغنم : احبس على أخيك ضالته ، ما قد دل على أن أخذه إياها لحبسها على أخيه أخذ مأمور به ، ولا يكون مع الأخذ المأمور به ضمان على من أمر به ، وقد يحتمل قوله : احبس على أخيك ضالته ، أن لا يكون مقصودا به إلى ضالة دون ضالة ، وأن يكون على كل الضوال ، والله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، والله الموفق .