[ ص: 365 ] 699 - باب بيان مشكل ما اختلف أهل العلم فيه من القنوت في الوتر ، وهل هو قبل الركوع أو بعده ؟ وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقضي بينهم في ذلك
قال : قد روي عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قنوته في الوتر أنه كان قبل الركوع ، فممن روي عنه في ذلك أبو جعفر ، وإن كان إنما دار على عبد الله بن مسعود أبان بن أبي عياش فإنه قد احتمله غير واحد من أهل الأسانيد ، وأدخلوه في هذا الباب إذا كان عن غير ، فأدخلناه نحن أيضا فيه لذلك . أنس بن مالك
4500 - وهو ما قد حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، أخبرنا يزيد بن هارون أبان بن أبي عياش ، عن ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : عبد الله أم عبد ، فقلت : بيتي مع نسائه فانظري كيف يقنت ، فأتتني ، فأخبرتني أنه قنت قبل الركوع بت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنظر كيف يقنت في وتره قبل الركوع أو بعده ، فقنت قبل الركوع ، ثم بعثت .
[ ص: 366 ] وقد كان على ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . عبد الله بن مسعود
كما حدثنا فهد ، حدثنا ، حدثنا أبو نعيم ، عن المسعودي ، عن عبد الرحمن بن الأسود قال : أبيه لا يقنت في شيء من الصلوات إلا في الوتر قبل الركوع عبد الله . كان
[ ص: 367 ]
وكما حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي ، حدثنا ، أخبرنا يزيد بن هارون . وكما أخبرنا هشام هارون قال : أخبرنا ، حدثنا نعيم قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن هشام ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علقمة أنه عبد الله كان يقنت قبل الركوع وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني في الوتر .
[ ص: 368 ] وقد روي هذا المعنى أيضا ، عن أبي بن كعب .
4501 - كما قد حدثنا محمد بن الحسن بن علي البخاري الأحول وغيره قالوا : حدثنا ، حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي الرازي أبو حاتم ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، عن أبي ، عن مسعر ، عن زبيد ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب سبح اسم ربك الأعلى ، والثانية بـ قل يا أيها الكافرون ، والثالثة بـ قل هو الله أحد ، وأنه قنت قبل الركوع ، فلما انصرف من صلاته قال : " سبحان الملك القدوس " مرتين يرفع صوته ، ويجهر بالثالثة كان يوتر بثلاث ركعات لا يسلم فيهن حتى ينصرف ، أول ركعة بـ .
[ ص: 369 ] ومنهم : عبد الله بن عباس .
4502 - كما حدثنا حدثنا أبو أمية ، ، أخبرنا معلى بن منصور الرازي عطاء بن مسلم ، حدثنا ، عن العلاء بن المسيب ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : ابن عباس ، فرأيت رسول الله [ ص: 370 ] صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات ، ثم أوتر ، فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و ميمونة سبح اسم ربك الأعلى ، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب و قل يا أيها الكافرون ، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب و قل هو الله أحد ، ثم قنت ودعا ، ثم ركع بت عند خالتي .
فقال قائل : فهل يثبت سماع حبيب بن أبي ثابت من ؟ ابن عباس
فكان جوابنا له في ذلك أن سماعه منه ومن ثابت ، وقد روي فيما سمعه منه ما قد حدثنا عبد الله بن عمر ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، أخبرنا أبو داود ، عن شعبة حبيب بن أبي ثابت ، وسأله رجل ، فقال : إني رجل من أهل السواد أتقبل بالقرية لا أريد أن أظلم ، إنما أريد أن أدرأ عن نفسي الظلم ، ثم قرأ هذه الآية : ابن عباس قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله إلى قوله : وهم صاغرون ، ثم قال : [ ص: 371 ] ينزع الصغار من أعناقهم ، ويضعه في عنقك . أنه سمع
قال : ثم عدنا إلى حديث أبو جعفر أبي ، وهل نجده من غير حديث مسعر كما رواه حفص عن مسعر . ؟
4503 - فوجدنا قد حدثنا قال : حدثنا علي بن سعيد بن بشير الرازي محمد بن موسى الحراني الأصم وإسحاق بن زريق برأس العين قال : أخبرنا ، حدثنا مخلد بن يزيد الحراني ، عن سفيان الثوري ، عن زبيد اليامي ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب سبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية بـ قل يا أيها الكافرون ، وفي الثالثة بـ قل هو الله أحد ، ويقنت قبل الركوع ، فإذا سلم وفرغ ، قال عند فراغه : " سبحان الملك القدوس " ثلاث مرات ، يطيل في آخرهن كان يوتر بثلاث ركعات ، يقرأ في الركعة الأولى بـ .
[ ص: 372 ]
4504 - ووجدنا قد حدثنا قال : حدثنا علي بن سعيد سليمان بن عمر بن خالد الرقي المعروف بابن الأقطع ، حدثنا ، عن عيسى بن يونس ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه قال : أبي بن كعب سبح اسم ربك الأعلى ، و قل يا أيها الكافرون ، و قل هو الله أحد ، وكان يقنت قبل الركوع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ .
وكانت هذه الآثار كلها على القنوت قبل الركوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن من ذكرنا القنوت عنه من أصحابه في الوتر ، وكان القياس [ ص: 373 ] يشهد لهذا القول أيضا ، لأنا رأينا القنوت زائدا في هذه الصلاة على غيرها من الصلوات ، فرأينا الزيادات في الصلوات على غيرها من الصلوات المتفق عليها هي التكبير في العيدين ، فوجدناهم لا يختلفون أنه قبل الركوع لا بعد الركوع ، فكان القياس على ذلك أن يكون القنوت الزائد في الوتر على غيره من الصلوات قبل الركوع فيه لا بعد الركوع .
فقال قائل ممن ينكر القنوت قبل الركوع : قد وجدت هؤلاء الذين يوترون قبل الركوع يزيدون في هذه الصلاة تكبيرة لم نجد لها أصلا ، ولا يجوز أن يزاد في الصلوات ما لا يوجد له أصل .
فكان جوابنا له في ذلك أن الذين زادوا هذه التكبيرة قد وجدوا لها أصلا عن رجلين جليلين من المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهما علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود .
كما قد حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا ، أخبرنا يحيى بن يحيى النيسابوري ، عن وكيع ، عن سفيان عبد الأعلى يعني الثعلبي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي كبر في القنوت حين فرغ من القراءة ، وحين ركع عليا . أن
[ ص: 374 ]
وكما قد حدثنا علي قال : حدثنا ، أخبرنا يحيى حديج بن معاوية ، عن ، عن أبي إسحاق مسروق والأسود وأصحاب عبد الله قالوا : لا يقنت إلا في الوتر ، وكان يقنت قبل الركوع ، يكبر إذا فرغ من قراءته حين يقنت عبد الله . كان
فكان هذا مما يعلم أن عليا وعبد الله لم يقولاه استنباطا ، ولا استخراجا ; إذ كان مثله لا يقال بالاستنباط ولا بالاستخراج ، وإنما يقال [ ص: 375 ] بالتوقيف الذي وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عليه ، فكان ذلك عندنا مما لا يجب تركه ، ومما يجب أن يحمد عليه قائلوه .
ثم قد وجدنا عن رضي الله عنه ما قد شد هذا المعنى أيضا في قنوته في صلاة الصبح قبل الركوع فيها كما قد حدثنا عمر بن الخطاب ، حدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل . سفيان
- وكما قد حدثنا فهد قال : حدثنا ، حدثنا أبو نعيم ، ثم اجتمعا فقالا : عن إسرائيل مخارق ، عن قال : طارق بن شهاب صلاة الصبح ، فلما فرغ من القراءة في الركعة الثانية كبر ، ثم قنت ، ثم كبر وركع عمر . صليت خلف
وكما حدثنا ، حدثنا بكار ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة مخارق ، عن ، ثم ذكر مثله . طارق بن شهاب
[ ص: 376 ] قال : فهذا أبو جعفر عمر أيضا قد كبر للقنوت قبل الركوع ، فشد ذلك ما قد رويناه قبله عن علي وعبد الله ، وكان هذا مما يجب أن يحمد عليه قائلوه .
فقال قائل : فقد روى الحسن بن علي في حديث الذي رواه عن ابن أبي فديك إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه ، عن ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة رضي الله عنها قالت : عائشة الحسن بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من القراءة في الركعة الثالثة من الوتر ، ولم يبق إلا الركوع قال قبل أن يركع : " اللهم اهدني فيمن هديت علمني " . فذكر تمام الحديث . قال : ففي ذلك ما قد دل على أنه لم يكن يفصل [ ص: 377 ] [ ص: 378 ] بين القراءة وبين القنوت بتكبير ولا بغيره .
فكان جوابنا له في ذلك أن الذي قد ذكرناه عن علي وعبد الله وشده ما رويناه بعده عن عمر ، لما كان لم يقل استنباطا ولا استخراجا ، قد صار في حكم المحكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن حكى شيئا حفظه كان أولى ممن قصر عنه ، والله نسأله التوفيق .