[ ص: 291 ] 690 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العارية مما يحتج به من يوجب ضمانها ومما سوى ذلك ، مما روي عنه فيها
4454 - حدثنا
الحسن بن مخلد بن حازم الكوفي الخزاز ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17319يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك بن عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز وهو ابن رفيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
أمية بن صفوان بن أمية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=90أبيه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6469_6472_23715_27082_28210_30809_33957استعار النبي صلى الله عليه وسلم من nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية أدراعا من حديد يوم حنين ، فقال له : يا محمد ، مضمونة ؟ فقال : مضمونة " ، فضاع بعضها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " إن شئت غرمناها لك ، قال : لا ، أنا أرغب في الإسلام من ذلك يا رسول الله .
[ ص: 292 ] قال : ففي هذا الحديث اشتراط رسول الله صلى الله عليه وسلم
لصفوان فيما كان أعاره إياه من تلك الأدراع الضمان . فتأملنا هذا الحديث في إسناده كيف هو . ؟
4455 - فوجدنا
nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب قد حدثنا قال : أخبرنا
عبد الرحمن بن محمد بن سلام ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك بن عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ، عن
أمية بن صفوان بن أمية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=90أبيه ، ثم ذكر مثله ، ولم يذكر في إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة .
فاختلف يزيد والحماني على
شريك في إسناد هذا الحديث كما ذكرناه ، ثم التمسناه من رواية غير
شريك إياه ، عن
عبد العزيز 4456 - فوجدنا
فهدا قد حدثنا قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12125أبو غسان ، عن
[ ص: 293 ] nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
ابن صفوان بن أمية ، ولم يتجاوزه في إسناده إلى أبيه ولا إلى غيره ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6469_6472_23715_27082_28210استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية أدراعا ، فضاع بعضها ، فقال : إن شئت غرمناها لك ، قال : لا يا رسول الله .
فقوي في قلوبنا دخول
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة في إسناد هذا الحديث ، والقضاء في ذلك
للحماني على
يزيد . ثم وجدنا
شريكا وإسرائيل قد اختلفا فيمن بعد
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة في إسناد هذا الحديث ، فكان في إسناد
شريك أنه عن
أمية بن صفوان عن أبيه ، وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
ابن صفوان وهو
أمية ، وليس فيه ذكره إياه : عن أبيه .
ثم نظرنا في هذا الحديث أيضا هل نجده في غير روايتي
شريك وإسرائيل ، فنقف على حقيقته كيف هو في ذلك . ؟
4457 - فوجدنا
أحمد بن داود قد حدثنا قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد بن مسرهد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ،
[ ص: 294 ] عن
ناس من آل صفوان بن أمية قالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6455_6469_6472_27082_28210_30809_33957استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية سلاحا ، فقال له صفوان : أعارية أم غصب ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل عارية " ، فأعاره ما بين ثلاثين إلى أربعين درعا ، فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا ، فلما هزم المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجمعوا أدرع صفوان " ، ففقدوا من دروعه دروعا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصفوان : " إن شئت غرمناها لك " ، فقال صفوان : يا رسول الله ، إن في قلبي من الإيمان ما لم يكن يومئذ .
4458 - وحدثنا
أحمد بن داود قال : وحدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد مرة أخرى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية nindex.php?page=treesubj&link=6402_29118_34078أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعا ، ثم ذكر هذا الحديث
[ ص: 295 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فوجدنا
أبا الأحوص قد اضطرب في إسناد هذا الحديث هذا الاضطراب ، فجعله مرة عن ناس من
آل صفوان ، ومرة عن
صفوان نفسه ، وكانت روايتاه إياه جميعا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح [ لا ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة وكان هذا مما قد خالف فيه
شريكا وإسرائيل في إسناد هذا الحديث ، وليس في روايتيه جميعا ذكر ضمان اشترطه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان أعاره إياه من تلك الأدراع .
ثم نظرنا هل رواه عن
عبد العزيز غير
شريك وإسرائيل وأبي الأحوص أم لا ؟
4459 - فوجدنا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع المرادي قد حدثنا قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير بن عبد الحميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ، عن
أناس من آل عبد الله بن صفوان قالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6469_6472_27082_28210_30809_30862_33957أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغزو حنينا ، فقال لصفوان : " ما عندك سلاح تعيرنا ؟ " فقال : أعارية أم غصب ؟ قال : " بل عارية " ، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا ، فأراد أن يغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك من أشراف مكة وساداتهم ، وإني أكره أن أغزي مكة ، فأقم ، فأقام ، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغوا من غزاتهم أمر بدروع صفوان أن تجمع ، فجمعت ، فافتقدوا منها دروعا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصفوان : " إن شئت غرمناها لك " ، فقال صفوان : لا ، إن في قلبي من الإيمان ما لم يكن يومئذ .
[ ص: 296 ] فكان في هذا الحديث أن الذي أخذه
عبد العزيز عنه إنما هو من أخذه عنه من
آل عبد الله بن صفوان ، فخالف كل من ذكرناه قبله في هذا الباب من رواة هذا الحديث عن
عبد العزيز ، وعاد بروايته إياه منقطعا غير موصول الإسناد ، وليس في روايته ولا في رواية
أبي الأحوص إياه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ذكر ضمان للعارية ، فوقفنا بذلك على اضطراب هذا الحديث هذا الاضطراب الشديد ، وما كانت هذه سبيله ، لم يكن مثله تقوم به حجة لأحد على مخالف له فيه ، وبالله التوفيق .
وكان معقولا أن العارية لو كانت مضمونة لغني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذكر ضمانها
لصفوان ، ولقال له : وهل تكون العارية إلا مضمونة ؟ ففي تركه ذلك دليل على أن إحداثه له بقوله : " إنها مضمونة " ضمانا أوجبه ذلك القول لا نفس العارية ، وقد كان
صفوان يومئذ حديث عهد بالجاهلية ، لأن
حنينا إنما غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة ، وكان
صفوان قبل ذلك قد عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراطات للحربيين ما لا توجبه الشريعة من المسلمين بعضهم لبعض ، من ذلك اشتراطه صلى الله عليه وسلم يوم
الحديبية أن من جاءه من المشركين راغبا في دينه تاركا لما عليه المشركون رده إليه ، وأن من جاء إلى المشركين من أصحابه لم يردوه
[ ص: 297 ] إليه ، وأن من جاءه من نساء المشركين داخلا في دينه رد إليه ما كان ساق إلى زوجته من الصداق للتزويج الذي كان بينه وبينها ، وكان
صفوان يوقفه على مثل هذه الأشياء التي قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشترطها للمشركين مما لا يجوز أمثالها بين المسلمين ، فيجوز ذلك للمشركين ، ويلزم لهم المسلمين ، سأل مثل ذلك ليلزم له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا أن من شريعته وجوب الضمان في العارية ، وهذه علة صحيحة ذكرها لي
محمد بن العباس عن
محمد بن الحسن بغير ذكر منه من أخذها منه عنه ، وذلك شبيه بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ما كانت عليه العرب في لغته ولغاتها ; لأن الذين كانوا عليه في ذلك هو الإيجاز لا ما سواه ، وكانت العارية لو كانت شريعته توجب ضمانها لغني بذكرها عن ذكر ضمانها ، ولكن الذي كان منه بعد ذلك مما سأله
صفوان إياه أحدث حكما لم يكن قبله ، وهو وجوب ضمانها بالاشتراط الذي اشترط له فيها ، ومما قد دل على ذلك ما قد روي عنه صلى الله عليه وسلم في العارية في غير هذا الحديث .
4460 - كما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17324يحيى بن عثمان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16351عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد ،
عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664416nindex.php?page=treesubj&link=6402_6455_6472_16601_24490_26168_30575ألا إن العارية مؤداة ، والمنحة مردودة ، والدين مقضي ، والزعيم غارم " .
[ ص: 298 ] 4461 - وكما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع المرادي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش ، عن
شرحبيل بن مسلم الخولاني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
[ ص: 299 ] فكان في هذين الحديثين إعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن العارية مؤداة ، وفي ذلك ما يوجب أنها أمانة ، كما قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، فكشف ذلك
[ ص: 300 ] ما قد ذكرناه مما حملنا حديث
صفوان عليه ، مع أن حديث
صفوان قد رواه قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، وليس بدون
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ، ولم يتجاوزه به بهذا اللفظ أيضا .
4462 - كما حدثنا
أحمد بن الحسن بن القاسم الكوفي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16505عبد الوهاب بن عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=treesubj&link=6402_6455_6457_6472_27082_30809_33957أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية دروعا يوم حنين ، فقال له : أمؤداة يا رسول الله العارية ؟ قال : " نعم " .
فلم يكن ما روى
عبد العزيز عليه حديث
صفوان بأولى به مما رواه عليه
قتادة مع تكافئهما في انقطاعه في أكثر الروايات عن
عبد العزيز .
فقال قائل : فقد روينا عن
عبد الله بن عباس وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ما يوجب غرم العارية إذا ضاعت في يد مستعيرها لمعيره إياها .
وذكر ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عبد الرحمن بن السائب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله
[ ص: 301 ] عنهما قالا :
nindex.php?page=treesubj&link=6455_27082العارية تضمن إن اتبعها صاحبها .
وما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17324يحيى بن عثمان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير يعني ابن عبد الحميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما
nindex.php?page=treesubj&link=6455_27082أنه كتب إليه في العارية : أن اضمنها لصاحبها .
[ ص: 302 ] فكان جوابنا له في ذلك أنا لم ندفع أن يكون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرى ضمان العارية ، ولكنه - وإن كان من ذكر في هذين الحديثين قد ضمنها - فإن منهم من لم يضمنها وجعلها أمانة ، وهم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما .
كما قد حدثنا
أحمد بن داود ، حدثنا
عمار بن عمر الحلبي قاضي
أهل مكة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة ، عن
هلال بن عبد الرحمن يعني الوزان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4939ابن عكيم يعني عبد الله بن عكيم الجهني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=treesubj&link=6459_16763_23715أنه كان لا يضمن العارية .
وكما حدثنا
أحمد بن داود ، حدثنا
يوسف بن إبراهيم المزني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس ، عن
عبد الأعلى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد ابن الحنفية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه
nindex.php?page=treesubj&link=6459_16763_23715أنه كان لا يضمن العارية ، ويقول : هي معروف .
[ ص: 303 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : ولما اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكمها هذا الاختلاف رجعنا إلى ما يوجبه النظر فيما اختلفوا فيه من ذلك ، فوجدنا العارية مقبوضة من ربها بطيب نفسه بذلك ، لا بعوض يعوضه على ما أباح منها ، وقد وجدنا الأشياء المستأجرات مقبوضة من أربابها بأعواض يجب على مستأجريها إياها منهم لهم ، وكانت ملك الأشياء المستعملة على ذلك غير مضمونة ، وإذا كانت مع وجوب الأعواض في استعمالها غير مضمونة كانت في استعمالها على غير وجوب الأعواض في ذلك أحرى أن لا تكون مضمونة ، وهكذا كان
الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة والثوري وأصحابهما وكثير منهم سواهم يذهبون إليه في ذلك .
فأما
المدنيون فيجعلون ما ضاع من ذلك مما يظهر ضياعه يضيع على الأمانة ، وما كان من ذلك مما يخفى ضياعه يضيع على الضمان ، ولا فرق في القياس في ذلك بين ما يظهر ضياعه وبين ما يخفى ضياعه ، كما لا فرق بين ذلك في الغصوب المضمونات وفي الودائع الأمانات ، وفي رفعهم الضمان فيما يظهر هلاكه ما يجب به عليهم رفع
[ ص: 304 ] الضمان فيما يخفى هلاكه .
وقد حدثنا
روح بن الفرج ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، حدثني
طلحة بن أبي سعيد ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15790خالد بن أبي عمران قال :
nindex.php?page=treesubj&link=6459_16763_23715سألت nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار عن رجل استعار دابة من رجل ، وأخبره بما يريد بها ، فأعاره إياها على ذلك ، فأصيبت في تلك العارية ، هل عليه غرامة ؟ قال : لا ، إلا أن يكون قتلها متعمدا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : على هذا أدركنا شيوخنا في أنه ليس في العارية ضمان إلا أن يتعدى ما استعارها له ، فيضمن .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : على هذا أدركنا الناس حتى اتهم الولاة الناس فضمنوهم .
وفيما ذكرنا أن الجماعة من متقدمي
أهل المدينة ومن متقدمي
أهل مصر على ترك تضمين العارية ما لم يتعد فيها ، وتأملنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث
صفوان فيما ضاع من دروعه ، فوجدنا فيه أنه قال له : " إن شئت غرمناها لك " ، فعقلنا بذلك أن غرمها لم يكن في الحقيقة واجبا لولا ما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم من القول الذي كان أعطاه فيها ، ولو كانت مضمونة لما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم غرمها له ، ولا رد ذلك إلى مشيئته إياه ، ولحقق وجوب غرمها له عليه كما يقول أهل العلم في الدين الذي لبعض الناس على بعض : إنه واجب لمن هو
[ ص: 305 ] عليه مطالبة من هو له عليه يأخذه منه حتى تبرأ ذمته ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بذلك وأشدهم تمسكا به .
وفي جواب
صفوان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : إن في قلبي اليوم من الإيمان ما لم يكن يومئذ . دليل على أن الذي كان اشترطه عليه من الضمان لما أعاره إياه كان على حكم غير الإيمان ، كما قال
محمد بن الحسن مما ذكرناه من رواية
محمد بن العباس . وفي ذلك ما قد دل على أن حكم العارية بين أهل الإيمان بخلاف ذلك من انتفاء الضمان عنها ، وبالله التوفيق .
[ ص: 291 ] 690 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَارِيَةِ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُوجِبُ ضَمَانَهَا وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ ، مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِيهَا
4454 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ حَازِمٍ الْكُوفِيُّ الْخَزَّازُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17319يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16101شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ رُفَيْعٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ
أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=90أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6469_6472_23715_27082_28210_30809_33957اسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَدْرَاعًا مِنْ حَدِيدٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، فَقَالَ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ ، مَضْمُونَةٌ ؟ فَقَالَ : مَضْمُونَةٌ " ، فَضَاعَ بَعْضُهَا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ شِئْتَ غَرِمْنَاهَا لَكَ ، قَالَ : لَا ، أَنَا أَرْغَبُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ .
[ ص: 292 ] قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِصَفْوَانَ فِيمَا كَانَ أَعَارَهُ إِيَّاهُ مِنْ تِلْكَ الْأَدْرَاعِ الضَّمَانَ . فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي إِسْنَادِهِ كَيْفَ هُوَ . ؟
4455 - فَوَجَدْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15397أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16101شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنْ
أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=90أَبِيهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ .
فَاخْتَلَفَ يَزِيدُ وَالْحِمَّانِيُّ عَلَى
شَرِيكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ ، ثُمَّ الْتَمَسْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ
شَرِيكٍ إِيَّاهُ ، عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ 4456 - فَوَجَدْنَا
فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12125أَبُو غَسَّانَ ، عَنْ
[ ص: 293 ] nindex.php?page=showalam&ids=12424إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ
ابْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ فِي إِسْنَادِهِ إِلَى أَبِيهِ وَلَا إِلَى غَيْرِهِ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6469_6472_23715_27082_28210اسْتَعَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَدْرَاعًا ، فَضَاعَ بَعْضُهَا ، فَقَالَ : إِنْ شِئْتَ غَرِمْنَاهَا لَكَ ، قَالَ : لَا يَا رَسُولَ اللهِ .
فَقَوِيَ فِي قُلُوبِنَا دُخُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَالْقَضَاءُ فِي ذَلِكَ
لِلْحِمَّانِيِّ عَلَى
يَزِيدَ . ثُمَّ وَجَدْنَا
شَرِيكًا وَإِسْرَائِيلَ قَدِ اخْتَلَفَا فِيمَنْ بَعْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَكَانَ فِي إِسْنَادِ
شَرِيكٍ أَنَّهُ عَنْ
أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ ، وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12424إِسْرَائِيلَ عَنِ
ابْنِ صَفْوَانَ وَهُوَ
أُمَيَّةُ ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُهُ إِيَّاهُ : عَنْ أَبِيهِ .
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا هَلْ نَجِدُهُ فِي غَيْرِ رِوَايَتَيْ
شَرِيكٍ وَإِسْرَائِيلَ ، فَنَقِفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ كَيْفَ هُوَ فِي ذَلِكَ . ؟
4457 - فَوَجَدْنَا
أَحْمَدَ بْنَ دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17072مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أَبُو الْأَحْوَصِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ،
[ ص: 294 ] عَنْ
نَاسٍ مِنْ آلِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6455_6469_6472_27082_28210_30809_33957اسْتَعَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ سِلَاحًا ، فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ : أَعَارِيَةٌ أَمْ غَصْبٌ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ عَارِيَةٌ " ، فَأَعَارَهُ مَا بَيْنَ ثَلَاثِينَ إِلَى أَرْبَعِينَ دِرْعًا ، فَغَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا ، فَلَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اجْمَعُوا أَدْرُعَ صَفْوَانَ " ، فَفَقَدُوا مِنْ دُرُوعِهِ دُرُوعًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَفْوَانَ : " إِنْ شِئْتَ غَرِمْنَاهَا لَكَ " ، فَقَالَ صَفْوَانُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ فِي قَلْبِي مِنَ الْإِيمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ .
4458 - وَحَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : وَحَدَّثَنَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17072مُسَدَّدٌ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ nindex.php?page=treesubj&link=6402_29118_34078أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ مِنْهُ أَدْرَاعًا ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ
[ ص: 295 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَجَدْنَا
أَبَا الْأَحْوَصِ قَدِ اضْطَرَبَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الِاضْطِرَابَ ، فَجَعَلَهُ مَرَّةً عَنْ نَاسٍ مِنْ
آلِ صَفْوَانَ ، وَمَرَّةً عَنْ
صَفْوَانَ نَفْسِهِ ، وَكَانَتْ رِوَايَتَاهُ إِيَّاهُ جَمِيعًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ [ لَا ] عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَكَانَ هَذَا مِمَّا قَدْ خَالَفَ فِيهِ
شَرِيكًا وَإِسْرَائِيلَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتَيْهِ جَمِيعًا ذِكْرُ ضَمَانٍ اشْتَرَطَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا كَانَ أَعَارَهُ إِيَّاهُ مِنْ تِلْكَ الْأَدْرَاعِ .
ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رَوَاهُ عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ غَيْرُ
شَرِيكٍ وَإِسْرَائِيلَ وَأَبِي الْأَحْوَصِ أَمْ لَا ؟
4459 - فَوَجَدْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15628جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنْ
أُنَاسٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=6402_6469_6472_27082_28210_30809_30862_33957أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْزُوَ حُنَيْنًا ، فَقَالَ لِصَفْوَانَ : " مَا عِنْدَكَ سِلَاحٌ تُعِيرُنَا ؟ " فَقَالَ : أَعَارِيَةٌ أَمْ غَصْبٌ ؟ قَالَ : " بَلْ عَارِيَةٌ " ، فَأَعَارَهُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ دِرْعًا ، فَأَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ مَكَّةَ وَسَادَاتِهِمْ ، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُغْزِيَ مَكَّةَ ، فَأَقِمْ ، فَأَقَامَ ، وَغَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ أَمَرَ بِدُرُوعِ صَفْوَانَ أَنْ تُجْمَعَ ، فَجُمِعَتْ ، فَافْتَقَدُوا مِنْهَا دُرُوعًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَفْوَانَ : " إِنْ شِئْتَ غَرِمْنَاهَا لَكَ " ، فَقَالَ صَفْوَانُ : لَا ، إِنَّ فِي قَلْبِي مِنَ الْإِيمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ .
[ ص: 296 ] فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ
عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مَنْ أَخَذَهُ عَنْهُ مِنْ
آلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ ، فَخَالَفَ كُلَّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَعَادَ بِرِوَايَتِهِ إِيَّاهُ مُنْقَطِعًا غَيْرَ مَوْصُولِ الْإِسْنَادِ ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ وَلَا فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْأَحْوَصِ إِيَّاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ذِكْرُ ضَمَانٍ لِلْعَارِيَةِ ، فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى اضْطِرَابِ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الِاضْطِرَابَ الشَّدِيدَ ، وَمَا كَانَتْ هَذِهِ سَبِيلَهُ ، لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِأَحَدٍ عَلَى مُخَالِفٍ لَهُ فِيهِ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .
وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْعَارِيَةَ لَوْ كَانَتْ مَضْمُونَةً لَغَنِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِكْرِ ضَمَانِهَا
لِصَفْوَانَ ، وَلَقَالَ لَهُ : وَهَلْ تَكُونُ الْعَارِيَةُ إِلَّا مَضْمُونَةً ؟ فَفِي تَرْكِهِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِحْدَاثَهُ لَهُ بِقَوْلِهِ : " إِنَّهَا مَضْمُونَةٌ " ضَمَانًا أَوْجَبَهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ لَا نَفْسَ الْعَارِيَةِ ، وَقَدْ كَانَ
صَفْوَانُ يَوْمَئِذٍ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ ، لِأَنَّ
حُنَيْنًا إِنَّمَا غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَكَانَ
صَفْوَانُ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ عَهِدَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتِرَاطَاتٍ لِلْحَرْبِيِّينَ مَا لَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ
الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَاغِبًا فِي دِينِهِ تَارِكًا لِمَا عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ رَدَّهُ إِلَيْهِ ، وَأَنَّ مَنْ جَاءَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ لَمْ يَرُدُّوهُ
[ ص: 297 ] إِلَيْهِ ، وَأَنَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ دَاخِلًا فِي دِينِهِ رَدَّ إِلَيْهِ مَا كَانَ سَاقَ إِلَى زَوْجَتِهِ مِنَ الصَّدَاقِ لِلتَّزْوِيجِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، وَكَانَ
صَفْوَانُ يُوقِفُهُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَرِطُهَا لِلْمُشْرِكِينَ مِمَّا لَا يَجُوزُ أَمْثَالُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُشْرِكِينَ ، وَيَلْزَمُ لَهُمُ الْمُسْلِمِينَ ، سَأَلَ مِثْلَ ذَلِكَ لِيَلْزَمَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا أَنَّ مِنْ شَرِيعَتِهِ وُجُوبَ الضَّمَانِ فِي الْعَارِيَةِ ، وَهَذِهِ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ ذَكَرَهَا لِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ عَنْهُ ، وَذَلِكَ شَبِيهٌ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهِ وَلُغَاتِهَا ; لِأَنَّ الَّذِينَ كَانُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ هُوَ الْإِيجَازُ لَا مَا سِوَاهُ ، وَكَانَتِ الْعَارِيَةُ لَوْ كَانَتْ شَرِيعَتُهُ تُوجِبُ ضَمَانَهَا لَغَنِيَ بِذِكْرِهَا عَنْ ذِكْرِ ضَمَانِهَا ، وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا سَأَلَهُ
صَفْوَانُ إِيَّاهُ أَحْدَثَ حُكْمًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ ، وَهُوَ وُجُوبُ ضَمَانِهَا بِالِاشْتِرَاطِ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ فِيهَا ، وَمِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَارِيَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ .
4460 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17324يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17211نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16351عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15985سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ،
عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664416nindex.php?page=treesubj&link=6402_6455_6472_16601_24490_26168_30575أَلَا إِنَّ الْعَارِيَةَ مُؤَدَّاةٌ ، وَالْمِنْحَةَ مَرْدُودَةٌ ، وَالدَّيْنَ مَقْضِيٌّ ، وَالزَّعِيمَ غَارِمٌ " .
[ ص: 298 ] 4461 - وَكَمَا حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12434إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ
شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ .
[ ص: 299 ] فَكَانَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِعْلَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنَّ الْعَارِيَةَ مُؤَدَّاةٌ ، وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ، فَكَشَفَ ذَلِكَ
[ ص: 300 ] مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا حَمَلْنَا حَدِيثَ
صَفْوَانَ عَلَيْهِ ، مَعَ أَنَّ حَدِيثَ
صَفْوَانَ قَدْ رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، وَلَيْسَ بِدُونِ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، وَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ بِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا .
4462 - كَمَا حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16505عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12514سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ nindex.php?page=treesubj&link=6402_6455_6457_6472_27082_30809_33957أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دُرُوعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ ، فَقَالَ لَهُ : أَمُؤَدَّاةٌ يَا رَسُولَ اللهِ الْعَارِيَةُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " .
فَلَمْ يَكُنْ مَا رَوَى
عَبْدُ الْعَزِيزِ عَلَيْهِ حَدِيثَ
صَفْوَانَ بِأَوْلَى بِهِ مِمَّا رَوَاهُ عَلَيْهِ
قَتَادَةُ مَعَ تَكَافُئِهِمَا فِي انْقِطَاعِهِ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ .
فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يُوجِبُ غُرْمَ الْعَارِيَةِ إِذَا ضَاعَتْ فِي يَدِ مُسْتَعِيرِهَا لِمُعِيرِهِ إِيَّاهَا .
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرٍو ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
[ ص: 301 ] عَنْهُمَا قَالَا :
nindex.php?page=treesubj&link=6455_27082الْعَارِيَةُ تَضْمَنُ إِنِ اتَّبَعَهَا صَاحِبُهَا .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17324يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17211نُعَيْمٌ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15628جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16376عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=6455_27082أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي الْعَارِيَةِ : أَنِ اضْمَنْهَا لِصَاحِبِهَا .
[ ص: 302 ] فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّا لَمْ نَدْفَعْ أَنْ يَكُونَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَرَى ضَمَانَ الْعَارِيَةِ ، وَلَكِنَّهُ - وَإِنْ كَانَ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَدْ ضَمِنَهَا - فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَجَعَلَهَا أَمَانَةً ، وَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ،
وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
عَمَّارُ بْنُ عُمَرَ الْحَلَبِيُّ قَاضِي
أَهْلِ مَكَّةَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15689الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ ، عَنْ
هِلَالِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الْوَزَّانَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=4939ابْنِ عُكَيْمٍ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيَّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=treesubj&link=6459_16763_23715أَنَّهُ كَانَ لَا يَضْمَنُ الْعَارِيَةَ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12424إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ
عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=6459_16763_23715أَنَّهُ كَانَ لَا يُضَمِّنُ الْعَارِيَةَ ، وَيَقُولُ : هِيَ مَعْرُوفٌ .
[ ص: 303 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَمَّا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُكْمِهَا هَذَا الِاخْتِلَافَ رَجَعْنَا إِلَى مَا يُوجِبُهُ النَّظَرُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا الْعَارِيَّةَ مَقْبُوضَةً مِنْ رَبِّهَا بِطِيبِ نَفْسِهِ بِذَلِكَ ، لَا بِعِوَضٍ يُعَوَّضُهُ عَلَى مَا أَبَاحَ مِنْهَا ، وَقَدْ وَجَدْنَا الْأَشْيَاءَ الْمُسْتَأْجَرَاتِ مَقْبُوضَةً مِنْ أَرْبَابِهَا بِأَعْوَاضٍ يَجِبُ عَلَى مُسْتَأْجِرِيهَا إِيَّاهَا مِنْهُمْ لَهُمْ ، وَكَانَتْ مِلْكُ الْأَشْيَاءِ الْمُسْتَعْمَلَةِ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ ، وَإِذَا كَانَتْ مَعَ وُجُوبِ الْأَعْوَاضِ فِي اسْتِعْمَالِهَا غَيْرَ مَضْمُونَةٍ كَانَتْ فِي اسْتِعْمَالِهَا عَلَى غَيْرِ وُجُوبِ الْأَعْوَاضِ فِي ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ لَا تَكُونَ مَضْمُونَةً ، وَهَكَذَا كَانَ
الْكُوفِيُّونَ nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سِوَاهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ .
فَأَمَّا
الْمَدَنِيُّونَ فَيَجْعَلُونَ مَا ضَاعَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ ضَيَاعُهُ يَضِيعُ عَلَى الْأَمَانَةِ ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى ضَيَاعُهُ يَضِيعُ عَلَى الضَّمَانِ ، وَلَا فَرْقَ فِي الْقِيَاسِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا يَظْهَرُ ضَيَاعُهُ وَبَيْنَ مَا يَخْفَى ضَيَاعُهُ ، كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي الْغُصُوبِ الْمَضْمُونَاتِ وَفِي الْوَدَائِعِ الْأَمَانَاتِ ، وَفِي رَفْعِهِمُ الضَّمَانَ فِيمَا يَظْهَرُ هَلَاكُهُ مَا يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِمْ رَفْعُ
[ ص: 304 ] الضَّمَانِ فِيمَا يَخْفَى هَلَاكُهُ .
وَقَدْ حَدَّثَنَا
رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17320يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي
طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15790خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=6459_16763_23715سَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=16049سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ اسْتَعَارَ دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا يُرِيدُ بِهَا ، فَأَعَارَهُ إِيَّاهَا عَلَى ذَلِكَ ، فَأُصِيبَتْ فِي تِلْكَ الْعَارِيَةِ ، هَلْ عَلَيْهِ غَرَامَةٌ ؟ قَالَ : لَا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَتَلَهَا مُتَعَمِّدًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثُ : عَلَى هَذَا أَدْرَكْنَا شُيُوخَنَا فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَارِيَةِ ضَمَانٌ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ ، فَيَضْمَنُ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ : عَلَى هَذَا أَدْرَكْنَا النَّاسَ حَتَّى اتَّهَمَ الْوُلَاةُ النَّاسَ فَضَمَّنُوهُمْ .
وَفِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ مُتَقَدِّمِي
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِنْ مُتَقَدِّمِي
أَهْلِ مِصْرَ عَلَى تَرْكِ تَضْمِينِ الْعَارِيَةِ مَا لَمْ يَتَعَدَّ فِيهَا ، وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
صَفْوَانَ فِيمَا ضَاعَ مِنْ دُرُوعِهِ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ : " إِنْ شِئْتَ غَرِمْنَاهَا لَكَ " ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنْ غُرْمَهَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ وَاجِبًا لَوْلَا مَا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ فِيهَا ، وَلَوْ كَانَتْ مَضْمُونَةً لَمَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُرْمَهَا لَهُ ، وَلَا رَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَشِيئَتِهِ إِيَّاهُ ، وَلَحَقَّقَ وُجُوبَ غُرْمَهَا لَهُ عَلَيْهِ كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الدِّينِ الَّذِي لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ : إِنَّهُ وَاجِبٌ لِمَنْ هُوَ
[ ص: 305 ] عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ مَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ وَأَشَدُّهُمْ تَمَسُّكًا بِهِ .
وَفِي جَوَابِ
صَفْوَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : إِنَّ فِي قَلْبِي الْيَوْمَ مِنَ الْإِيمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ . دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ مِنَ الضَّمَانِ لَمَّا أَعَارَهُ إِيَّاهُ كَانَ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْإِيمَانِ ، كَمَا قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ
مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنِ انْتِفَاءِ الضَّمَانِ عَنْهَا ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .