[ ص: 326 ] 127 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من نهيه عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد
866 - حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى قال سعيد بن سالم الربيع : أظنه عن ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن رسول الله عليه السلام قال : { ابن عباس أربع من الدواب لا يقتلن : النملة والنحلة والهدهد والصرد } .
867 - حدثنا ، حدثنا يونس سمعت ابن وهب يحدث عن ابن جريج رجل حدثه عن ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله ، عن النبي عليه السلام . ابن عباس
868 - وحدثنا ، أخبرنا بحر ... ثم ذكر بإسناده مثله . ابن وهب
869 - حدثنا القاسم بن عبد الله بن مهدي أبو طاهر ، حدثنا ، حدثني أبو [ ص: 327 ] مصعب ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله قال : { ابن عباس نهى رسول الله عليه السلام ، عن قتل أربع : الهدهد والصرد والنملة والنحلة } .
فاحتجنا بطلب الرجل الذي بين وبين ابن جريج من هو ليقوم لنا إسناده من حديث ابن شهاب كما قام لنا من حديث ابن جريج معمر .
870 - فوجدنا قد حدثنا عن محمد بن أحمد بن حماد الدولابي ، عن صالح بن أحمد بن حنبل قال : سمعت علي بن المديني يقول : حدثنا يحيى بن معين قال : أخبرت ، عن ابن جريج ، عن الزهري ، عن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ... ثم ذكر هذا الحديث . ابن عباس
قال يحيى : وكان عندي ضعيفا فمحيته ثم قال : رأيته في كتاب سفيان بن سعيد ، عن ، عن ابن جريج ابن أبي لبيد ، عن ، عن الزهري عبيد الله ، عن [ ص: 328 ] ووجدنا ابن عباس هارون بن محمد العسقلاني قد أجاز لنا عن الغلابي قال : روى هذا الحديث ، عن الثوري ، عن ابن جريج ابن أبي لبيد ، عن قال الزهري الغلابي : سمعت هذا من أبي داود .
فوقفنا بذلك على أن الرجل المسكوت عن اسمه في هذا الحديث من رواية ابن وهب عن الذي ذكرناه في هذا الباب هو ابن جريج ابن أبي لبيد .
فعقلنا أن هذا الحديث قد صح لنا من رواية كصحته لنا من رواية ابن جريج معمر .
وقد وجدنا أبا معاوية قد حدث به عن فخالف ابن جريج ابن وهب في إسناده .
871 - كما حدثنا ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي ، حدثنا مجاهد بن موسى ، عن أبو معاوية ، عن ابن جريج ، عن الزهري ، عن سليمان بن يسار قال : { ابن عباس نهى رسول الله عليه السلام عن قتل أربع ؛ عن قتل الهدهد والصرد والنملة والنحلة } .
فتأملنا ما في هذا الحديث طلبا منا لاستخراج ما أريد به .
فوجدنا الهدهد ما لا ينتفع بلحمه ، ووجدنا الناس يستقذرونه ووجدناه لا مضرة على الناس منه فكان قتله للعبث لا لما سواه .
[ ص: 329 ] وذلك منهي عنه كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قتل من هذا الجنس بغير حقه .
872 - كما حدثنا ، حدثنا المزني أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان أخبرنا عمرو صهيب مولى عبد الله بن عامر قال : سمعت يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عبد الله بن عمرو بن العاص من قتل عصفورة فما فوقها بغير حقها سأله الله عز وجل عن قتلها ، قيل : يا رسول الله وما حقها ، قال : يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي بها } .
873 - وكما قد حدثنا ، حدثنا أبو أمية خالد بن يزيد الكاهلي ، حدثنا ، عن أبو بكر بن عياش أبان بن صالح ، عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عصفور قط } .
قال : [ ص: 330 ] كأنه يعني ما قتل عصفور قط عبثا ، قال أبو جعفر أبو بكر : فما فوقه أو فما دونه إلا عج إلى الله عز وجل يوم القيامة : يا رب فلان قتلني ، فلا هو انتفع بي ولا هو تركني أعيش في خشاراتها .
فكان قاتل الهدهد داخلا في هذا المعنى ، والله أعلم ، وكذلك قاتل الصرد ؛ لأنه لا يقدر أن يجمع من أشكاله ما يتهيأ له التبسط في أكل لحومها ، فقتل ما هذه سبيله أيضا يرجع إلى العبث لا إلى ما سواه ، ويلحق قاتله الوعيد الذي هو في هذين الحديثين اللذين روينا .
وأما النحلة فليست من هذا الجنس في شيء ولكنها مما ينتفع بها ، ومما لا منفعة لقاتلها في قتلها ، فقتله إياها يجمع أمرين ، أحدهما : قطع لمنافعها ، والآخر : عدم الانتفاع بها ، فزاد جرم قاتلها على جرم قاتل الهدهد والصرد .
[ ص: 331 ] وأما قتل النملة فإنه لا منفعة معه ولا قطع أذى به ، وهي موصوفة بمعنى محمود قد روي عن رسول الله عليه السلام .
874 - كما حدثنا أخبرنا يونس . ابن وهب
وكما حدثنا أخبرنا بحر بن نصر ، أخبرني ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ابن المسيب ، عن وأبي سلمة { عن رسول الله عليه السلام أبي هريرة أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت ، فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة حرقت أمة من الأمم تسبح ؟ } .
875 - وكما حدثنا محمد بن عزيز ، حدثنا سلامة بن روح ، عن ، عن عقيل ، أخبرني ابن شهاب ، عن أبو سلمة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبي هريرة خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقون الله عز وجل فإذا هم بنملة رافعة بعض قوائمها ، فقال النبي : ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة } .
[ ص: 332 ] وما كانت هذه سبيله كان قتله قاطعا لمثل هذين المعنيين المذكورين في هذين الحديثين ، وكان القاتل له على ذلك داخلا في حديثي عبد الله بن عمرو والشريد اللذين رويناهما في هذا الباب عن رسول الله عليه السلام .
وقد روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم في النملة إذا كان منها الأذى إباحة قتلها } .
876 - كما حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، أخبرني ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر بها فأحرقت بالنار ، فأوحى الله تعالى إليه فهلا أخذت نملة واحدة } .
[ ص: 333 ] كأنه كان أحرق قرية النمل على ما في حديث يونس وبحر الذي رويناه في هذا الباب الراجع إلى سعيد وأبي سلمة ، وفي ذلك ما قد دل على إباحة قتل ما آذى من النمل وفيما قبله النهي عن قتل ما لم يؤذ منها .
وفي حديث ابن وهب عن معنى يختلف هو وحديث ابن جريج القاسم بن عبد الله عن أبي مصعب اللذين رويناهما في هذا الباب ، وهو أن في حديث ابن وهب عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أربع من الدواب لا يقتلن ... } ثم ذكرهن فكان من ذلك ما قد دل أن غيرهن ليس من معناهن ؛ لأن ما حصر بعدد لم يدخل فيه غير ذلك العدد . ابن جريج
وفي حديث القاسم ، عن أبي مصعب { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قتل أربع } فاحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل هذه الأربع لا بحصر منه إياه بعدد يمنع أن يدخل فيه غيرهن ، ولكن قصد بالنهي إلى قتلهن فقط ، وكان مثلهن قد يجوز أن يعطف على ما في الحديث منهن وقد يجوز أن لا يعطف عليه .
وفي حديث ابن وهب عن حصر ما نهى عن قتله بالعدد الذي ذكره فيه ، فكان ذلك النهي المذكور فيه مقصودا به إلى ذلك العدد لا ما سواه من أجناسه ، والله أعلم بحقيقة ذلك كيف كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله نسأله التوفيق . ابن جريج