[ ص: 346 ] 458 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدد يقدمون على الإمام في دار الحرب بعدما غنم فيها غنائم ، ولم يخرج منها ولم يقسمها ولم يبعها ، هل يشركون من معه في تلك الغنائم أم لا ؟
2906 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن الوليد الزبيدي أن ابن شهاب الزهري عنبسة بن سعيد أخبره أنه سمع رضي الله عنه يحدث أبا هريرة سعيد بن العاص ، قال : أبو هريرة أبان بن سعيد على سرية من المدينة قبل نجد ، فقدم أبان وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر بعدما فتحها ، وإن حزم خيلهم لليف ، فقال أبان : اقسم لنا يا رسول الله ، قال : فقلت : لا تقسم لهم شيئا يا نبي الله ، فقال أبو هريرة أبان : أنت بها يا وبر ، تحدر علينا من رأس ضال ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اجلس يا أبان فلم يقسم لهم شيئا بعث النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 347 ]
2907 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، عن الوليد بن مسلم ، قال : سمعت سعيد بن عبد العزيز يخبر عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يحدث عن أبي هريرة سعيد بن أبي العاص ، هكذا حدثنا ، وإنما يحدث ابن أبي داود سعيد بن العاص أبان بن سعيد بن العاص في سرية قبل نجد ، فقدم أبان وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما فتح خيبر ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لنا شيئا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث .
هكذا حدثناه أيضا ، وإنما هو أن يقسم لهم شيئا . ابن أبي داود
[ ص: 348 ] قال : ففي هذا الحديث أن السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم له ولأصحابه هو أبو جعفر أبان ، وقد روي أن السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك كان هو . أبو هريرة
2908 - كما حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، عن سفيان إسماعيل بن أمية أنه سأل ، وأنا حاضر ، قال الزهري سفيان : لم أحفظه ، قال : أخبرني عنبسة بن سعيد قال : وأصحابه أبو هريرة خيبر بعدما فتحت ، والنبي صلى الله عليه وسلم بها ، فسأله أن يشركه في الغنيمة ، فتكلم بعض بني سعيد بن العاص ، فقال : يا رسول الله ، هذا قاتل ابن قوقل ، فقال : واعجبا [ ينعى ] علي قتل امرئ مسلم أكرمه الله على يدي ، ولم يهني على يديه قدم ، ذكره سفيان عن إسماعيل بن أمية وغيره .
[ ص: 349 ]
2909 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، عن سفيان ، عن الزهري عنبسة بن سعيد بن العاص ، عن رضي الله عنه قال : أبي هريرة بخيبر بعدما افتتحوها ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسهم لي من الغنيمة ، فقال بعض بني سعيد بن العاص : لا تسهم لهم يا رسول الله ، فقلت : يا رسول الله ، هذا قاتل ابن قوقل ، فقال سعيد : واعجباه لوبر تدلى علينا من قدوم ضأن ، ينعى علي قتل رجل مسلم أكرمه الله على يدي ، ولم يهني على يديه قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . قال سفيان : لا أدري - أو لا أحفظ - أسهم له ، أو لم يسهم .
[ ص: 350 ] قال سفيان : سمعت إسماعيل بن أمية سأل عنه وأنا حاضر . الزهري
قال : فوقع هذا الاختلاف في السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سأله إياه في هذا الحديث من هو ، - والله أعلم - أي ذلك كان . أبو جعفر
2910 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ، قال : حدثنا وهيب بن خالد خثيم بن عراك ، عن ، عن أبيه نفر من قومه قدم أبا هريرة المدينة هو ونفر من قومه ، فقال : قدمنا وقد خرج [ ص: 351 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، واستخلف على المدينة رجل من بني غفار ، يقال له : سباع بن عرفطة ، فأتيناه وهو يصلي بالناس صلاة الغداة ، فقرأ في الركعة الأولى كهيعص ، وفي الثانية ويل للمطففين ، قال : فأقول وأنا في الصلاة ، ويل لأبي فلان ، له مكيالان ، إذا اكتال اكتال بالوافي ، وإذا كال كال بالناقص ، فلما فرغنا من صلاتنا أتينا سباعا ، فزودنا شيئا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فتح خيبر ، فكلم المسلمين فأشركنا في سهامهم أبو هريرة أن .
قال : فكان هذا الحديث قد دل على أن السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان في هذه القصة هو لا أبو هريرة أبان بن سعيد .
وفي هذا الحديث معنى من الفقه قد اختلف العلماء فيه ، فطائفة [ ص: 352 ] منهم توجب لمن كانت حاله في هذا المعنى كحال أبان ، أو المذكورة في هذه الآثار الدخول في الغنيمة المغنومة قبل دخوله ؛ لأن الإمام مقيم في دار الحرب إلى ذلك الوقت ، لا يأمن من يطرأ عليه من العدو ، فيأخذ ما في يده من الغنيمة ، فحاجته إلى المدد إلى ذلك الوقت فإنهم يوجبون لهم الشركة في تلك الغنائم . ومن القائلين بذلك منهم أبي هريرة وأصحابه رحمهم الله . أبو حنيفة
وطائفة منهم تقول : لا يشركونهم في تلك الغنائم ، وهم مالك والأوزاعي والشافعي رحمهم الله . وقد اختلف في ذلك ، عمر بن الخطاب وعمار بن ياسر رضي الله عنهما .
كما .
حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثنا ، عن شعبة ، قال : سمعت قيس بن مسلم : طارق بن شهاب أهل البصرة غزوا نهاوند ، فأمدهم أهل الكوفة فظهروا فأراد أهل البصرة ألا يقسموا لأهل الكوفة ، وكان عمار على أهل الكوفة ، فقال رجل من بني عطارد : أيها الأجدع ، تريد أن تشاركنا في غنائمنا ، فقال : خير أذني سببت ، قال : فكتب بذلك إلى رضي الله عنه ، فكتب عمر عمر رضي الله عنه : إن الغنيمة لمن شهد الوقعة . أن
[ ص: 353 ] قال : وأجمعت الطائفتان جميعا أن الإمام لو كان فتح تلك الدار حتى صارت كدار المسلمين ، وحتى أمن من العدو وعودهم إليها ، وقتالهم إياه على ما غنمه منهم فيها ، ثم لحقهم ذلك المدد بعد ذلك أنهم لا يشركونهم في الغنيمة التي غنموها قبل لحاقهم بهم ، وقدومهم عليه .
ثم نظرنا في السبب الذي به منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبان أو من إدخاله في تلك الغنيمة ما هو ، فاحتمل أن يكون ؛ لأن أبا هريرة خيبر قد كانت صارت قبل لحاقهم به وقدومهم عليهم دار إسلام ، فلم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم عليه حاجة فلم يقسم لهم بذلك ، وقد يحتمل أن يكون لم يقسم لهم ؛ لأن خيبر كان الله عز وجل وعدها أهل الحديبية بقوله : وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها يريد أهل الحديبية فعجل لكم هذه يعني : خيبر . وقد روي ذلك عن رضي الله عنه . أبي هريرة
2911 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد عمار بن أبي عمار ، عن رضي الله عنه قال : أبي هريرة لأهل الحديبية خاصة ما شهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 354 ] مغنما إلا قسم لي إلا خيبر ، فإنها كانت .
قال : وكان ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم القسمة في ذلك لأبان أو لأبي هريرة ؛ لأنهما لم يكونا من أهل الحديبية ، وفي سؤال أبان أو رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم له ، وهو رجل من أصحابه فقيه ، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكاره ذلك السؤال عليه ما قد دل أنه لم يسأل محالا ؛ لأنه لو كان سأل محالا ، لقال له : وكيف أسهم لك ، ولم تشهد القتال الذي كانت عنه تلك الغنيمة . أبي هريرة
فقال قائل : وكيف تكون تلك الغنيمة لأهل الحديبية وقد أشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها على ما في حديث أبا هريرة عراك الذي رويناه ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه يجوز أن يحتمل أن يكون الذي كلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حتى سمحوا به هم أهل الحديبية .
2912 - وقد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، عن يوسف بن عدي ، عن حفص بن غياث ، عن بريد بن عبد الله ، عن أبي بردة رضي الله عنه قال : أبي موسى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 355 ] بعد فتح خيبر بثلاث ، فقسم لنا ، ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا .
قال : فهذا أيضا محتمل أن يكون قسم لهم بكلامه أهل الحديبية فيهم حتى سمحوا بذلك لهم ، والله أعلم بحقيقة الأمر كان في ذلك ، وإياه نسأله التوفيق .