بني هاشم، لا علوي ولا غير علوي، لا في خلافة ولم يسب قط في الإسلام أحد من ولا غيرها، وإنما سبى بعض الهاشميات الكفار من المشركين وأهل الكتاب، كما سبى يزيد الترك المشركون من سبوه لما قدموا بغداد، وكان من أعظم [أسباب] سبي الهاشميات معاونة الرافضة لهم كابن العلقمي وغيره. بل ولا قتل أحد من بني مروان أحدا من بني هاشم- لا علوي ولا عباسي ولا غيرهما- إلا قتل في خلافة زيد بن علي، هشام. وكان عبد الملك قد أرسل إلى إياي ودماء الحجاج: بني هاشم، فلم يقتل أحدا من الحجاج بني هاشم لا علوي ولا عباسي. بل لما تزوج بنت فأمره عبد الله بن جعفر عبد الملك أن يفارقها، لأنه ليس بكفؤ لها، فلم يروه كفوا أن يتزوج بهاشمية..
وأما لما معاوية مظلوما شهيدا، عثمان وكان قتل قد أمر الناس بأن لا يقاتلوا معه، وكره أن يقتل أحد من المسلمين بسببه، [ ص: 263 ] وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بشره بالجنة على بلوى تصيبه ، فأحب أن يلقى الله سالما من دماء المسلمين، وأن يكون مظلوما لا ظالما، كخير ابني آدم الذي قال: عثمان لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين . بريء من دمه لم يقتله ولم يعن عليه ولم يرض، بل كان يحلف وهو الصادق المصدوق: إني ما قتلت وعلي بن أبي طالب ولا أعنت على قتله ولا رضيت بقتله. ولكن لما قتل عثمان وكان عثمان لحلمه وكرمه وحسن سيرته، وكان عثمان أهل الشام أعظم محبة له، فصارت شيعة عثمان إلى عامة المسلمين يحبون أهل الشام، وكثر القيل والقال كما جرت العادة بمثل ذلك من الفتن، فشهد قوم بالزور على أنه أعان على دم علي فكان هذا مما أوغر قلوب شيعة عثمان، على عثمان فلم يبايعوه، وآخرون يقولون: إنه خذله وترك ما يجب من نصره، وقوى هذا عندهم أن القتلة تحيزت إلى عسكر علي، وكان علي، علي وطلحة قد اتفقوا في الباطن على إمساك قتلة والزبير فسعوا بذلك، فأقاموا عثمان، حتى اقتتلوا من غير أن يكون الفتنة عام الجمل، أراد القتال ولا علي طلحة ولا الزبير، بل كان المحرك للقتال الذين أقاموا الفتنة على عثمان.
فلما طلب من علي ورعيته أن يبايعوه امتنعوا عن بيعته، ولم يبايعوا معاوية ولا قال أحد قط: إن معاوية، مثل معاوية أو إنه أحق من علي، بالبيعة، بل الناس كانوا متفقين على أن علي أفضل وأحق، [ ص: 264 ] ولكن طلبوا من عليا أن يقيم الحد على قتلة علي وكان عثمان، غير متمكن من ذلك لتفرق الكلمة وانتشار الرعية وقوة المعركة لأولئك، فامتنع هؤلاء عن بيعته، إما لاعتقادهم أنه عاجز عن أخذ حقهم، وإما لتوهمهم محاباة أولئك، فقاتلهم علي لامتناعهم من بيعته، لا لأجل تأمير علي معاوية.
وعسكره أولى من وعلي وعسكره، كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: معاوية فهذا نص صريح أن "تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ". وأتباعه أولى بالحق من علي بن أبي طالب وأصحابه. وفي صحيح معاوية وغيره أنه قال: مسلم الفئة الباغية". عمارا "يقتل
لكن هذا مما تنازع فيه العلماء، وأكثرهم على القول الثاني، فلهذا كان مذهب أكابر الصحابة والتابعين والعلماء أن ترك الفئة الباغية هل يجب قتالها ابتداء قبل أن تبدأ الإمام بالقتال، أم لا تقاتل حتى تبدأ بالقتال؟ القتال كان أكمل وأفضل وأتم في سياسة الدين والدنيا. ولكن علي إمام هدى من الخلفاء الراشدين، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: علي رواه أهل السنن ، واحتج به " تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة، ثم تصير ملكا". وغيره على خلافة أحمد والرد على من طعن فيها، وقال علي من لم يربع أحمد: في خلافته فهو أضل من حمار أهله. بعلي