[ ص: 375 ] مسألة
في التسمية على ذكاة الذبيحة وذكاة الصيد [ ص: 376 ] مسألة
في والنزاع فيها مشهور بين السلف والخلف، وقد ذكروا عن التسمية على ذكاة الذبيحة وذكاة الصيد، رحمه الله فيها خمس روايات، ذكرها أحمد في "رؤوس مسائله ". قال أبو الخطاب أبو الخطاب: وعنه إن تركها عامدا لم يحل، وإن تركها ناسيا حلت. وهو قول متروك التسمية لا يحل أكله، سواء ترك التسمية عامدا أو ناسيا. أبي حنيفة والثوري وعنه إن سها على الذبيحة حل، فأما على الصيد فلا. ومالك.
(قال تقي الدين): قلت: وأكثر الروايات عن على هذا، وهي اختيار أكثر أصحابه، أحمد والقاضي وأكثر أصحابه كالخرقي والشيخ الموفق.
قال: وعنه إن سها على السهم حل، وأما على الكلب والفهد فلا.
وقال يحل أكله سواء تركها عامدا أو ساهيا، وعن الشافعي: بنحوه. أحمد
ونصر التحريم مطلقا. (قال الشيخ أبو الخطاب تقي الدين) : وهذا هو الصواب، فإني تدبرت نصوص الكتاب والسنة فوجدتها متظاهرة على إيجاب التسمية واشتراطها في الحل، وتحريم ما لم يذكر اسم الله عليه، وكل نص منها يوافق الآخر، مع كثرة النصوص وصراحتها في الدلالة، ولم أجد شيئا يصلح أن يقارب معارضة هذه النصوص، فضلا عن أن يكافئها أو يرجح عليها. ولو لم يكن إلا نص سالم عن المعارض المقاوم لوجب العمل به، فكيف مع كثرتها وقوة دلالتها وعدم معارضها؟! [ ص: 378 ]
قال الله تعالى: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون . فقد أمر سبحانه بالأكل مما ذكر اسم الله عليه، وعلق ذلك بالإيمان، وأنكر على من لم يأكل مما ذكر اسم الله عليه، ونهى عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، وقال: وإنه لفسق كما قال فيما أهل به لغير الله في قوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به . فقد ذكر تحريم ما أهل لغير الله به في أربعة مواضع كما ذكر تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير.
وقال تعالى فيما ذم به المشركين: وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون . وقال تعالى في المائدة : حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به إلى قوله: وما ذبح على النصب إلى قوله: يسألونك ماذا [ ص: 379 ] أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه .
فهذه خمس آيات في التسمية. وفي الصحاح والمساند حديث الذي اتفق العلماء على صحته، وتلقته بالقبول تصديقا وعملا به، ففي الصحيحين عن عدي بن حاتم عن إبراهيم النخعي عن همام بن الحارث قال: عدي قلت: وإن قتلن؟ قال: "وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها". قلت: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب، فقال: "إذا رميت بالمعراض فخرق فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله ". "إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك "، قلت: يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي وأذكر اسم الله، فقال:
وفي الصحيحين عن عن شعبة عبد الله بن أبي السفر عن سمعت الشعبي قال: عدي بن حاتم [ ص: 380 ] سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المعراض، فقال: "إذا أصاب بحده فكل، وإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل "، قال: قلت: إني أرسل كلبي، قال: "إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل "، قال: قلت: فإن أكل منه؟ قال: "فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه ولم يمسك عليك ". قال: قلت: أرسل كلبي وأجد معه كلبا آخر، قال: "لا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر".
وفي الصحيحين أيضا عن قال: عدي قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكل، فإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل فلا تأكله، فإنك لا تدري أيهما قتله. وإن رميت بسهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكله ".
وفي لفظ : البخاري قلت: يا رسول الله، أرسل كلبي وأسمي، فأجد معه على الصيد كلبا آخر لم أسم عليه، ولا أدري أيهما أخذ، قال: "لا تأكل، إنما سميت على كلبك، ولم تسم على الآخر".