[ ص: 225 ] كتاب الشيخ إلى الأمير شمس الدين سنقر جاه [ ص: 226 ] تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية -رضي الله عنه- إلى الأمير
شمس الدين سنقر جاه المنصوري لما تولى صفد المحروسة في شهر شوال من سنة أربع وسبعمائة. وهذه نسخته: كتاب كتبه شيخ الإسلام وقدوة الأنام
بسم الله الرحمن الرحيم
من الداعي أحمد ابن تيمية إلى أمير الأمراء شمس الدين ناصر الإسلام، أعز الله به الدين وأصلح به أمور المسلمين، وأقام له وبه أمر الدنيا والدين، وأعانه على إقامة العدل في العالمين، ودفع أهل البدع والفجور المعتدين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وهو للحمد أهل، وهو على كل شيء قدير، ونسأله أن يصلي على خاتم النبيين وإمام المتقين: محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.
أما بعد; فإن الله تعالى قد أنعم على الأمير وأنعم به، حيث جعل فيه من الصفات المحمودة والأخلاق الرضية ما قد انتشر عنه وسمعه المسلمون، ولهذا فرحوا بولايته فرحا شديدا عظيما، فالله تعالى يتم نعمته عليه وعلى إخوانه المؤمنين. [ ص: 228 ]
فقد ثبت في « الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال: « وجبت وجبت». ومر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا، فقال: « وجبت وجبت». قالوا: يا رسول الله ما قولك: « وجبت وجبت»؟ قال: « هذه الجنازة أثنيتم عليها خيرا فقلت: وجبت لها الجنة، وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا فقلت: وجبت لها النار، أنتم شهداء الله في الأرض».
فأي ولي أمر من أمور المسلمين أنعم الله عليه بحسن القصد، وابتغاء وجه الله، والنصح لرعيته، وإقامة العدل بينهم، فإن الله تعالى يجعل له من الدعاء المستجاب، والثناء المستطاب، وجميل الأجر والثواب ما هو من أنفع الذخائر له في الدنيا والمآب.