رضي الله عنه، وهو الذي تسميه العامة « الأقصى»، وما سوى ذلك مثل الذي يقال له: قبة المعراج، والسلسلة، ومهد عيسى، وأمثال ذلك، فلا يستحب قصد شيء من هذه البقاع ولا تخصيصه بعبادة، عمر بن الخطاب وعامة ما يذكر في ذلك كذب، مثل الحجر الذي يقال: إنه مهد عيسى; فإن هذا كذب واضح. ولكن هذا قيل إنه كان يكون فيه ماء المعمودية للنصارى لما استولوا على وليس بالمسجد الأقصى مكان يقصد بعينه إلا المصلى الذي بناه بيت المقدس، فإنه بقي في أيديهم مدة.
وأما ليس شيء من ذلك مشروعا، ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين قصدها زمن الوقوف للتعريف بها، ولا فعل ذلك من يقتدى به من المسلمين في دينهم. ما يفعله بعض الناس من السفر إلى بيت المقدس في عيد النحر، فيعرفون هناك، ومنهم من يذبح هناك، ومنهم من يحلق رأسه، ومنهم من يطوف بها; فهذا كله بدعة منهي عنه،
وكذلك السفر وقت التعريف إلى غير عرفات، مثل الذين يسافرون للتعريف عند قبر المسيح، والذين يعرفون عند قبر وأمثال هذه الأسفار، فإن هذه محمد بن التومرت، بل [ ص: 419 ] محرمة. [و] كان ذلك تعبدا بدين لم يشرعه الله، بمنزلة من يحرم ويلبي إذا سافر إلى بيت المقدس! ومن تعبد بمثل هذا فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل. أسفار غير مشروعة، بل منهي عنها،
وإذا كان السفر للتعريف بها منهيا عنه، فالسفر إليها في مواسم الكفار، مثل خميس النصارى ونحوه أعظم من ذلك; فإنه لو عظم الأزمان التي يعظمها الكفار، كعيد الميلاد وعيد الخميس، لكان ذلك من المنكرات التي يجب النهي عنها، ولو فعل ذلك في بيته. فإنه وليس لتعظيمها أصل في دين الإسلام. ولا تعظيم البقاع التي يعظمها الكفار. وهذا أعظم من المواسم المبتدعة في دين الإسلام، كالرغائب ونحوها. ليس للمسلم أن يعظم شيئا من الأيام التي يعظمها الكفار،
فإذا سافر إلى القدس في أعياد الكفار، فقد جمع عدة منكرات، بل لو خص الأيام التي يعظمها الكفار بأمر فيه مزية لها لنهي عن ذلك، حتى كره غير واحد من السلف صومها، فكيف بما هو أعظم من ذلك؟!
ولا يسمى بيت المقدس حرما; وإنما الحرم الذي حرم الله صيده [ ص: 420 ] ونباته. والحرم الذي اتفق عليه المسلمون حرم مكة، وأما المدينة فلها حرم محرم عند جمهور العلماء، كمالك والشافعي كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وما سوى ذلك فليس بحرم باتفاق المسلمين، إلا وادي وج الذي بالطائف، فإن وأحمد; قال: إنه حرم بحديث روي في ذلك رواه الشافعي في « المسند»، وأما جمهور العلماء أحمد كمالك وأبي حنيفة فليس ذلك بحرم عندهم، وضعفوا الحديث المروي في ذلك. وما سوى هذه البقاع الثلاثة فليس حرما باتفاق المسلمين. وأحمد