[ ص: 136 ] (ثم قال) : وعدم إيمانه بموسى إنما كان لأن موسى لم يبعث إليه ، كما في الحديث الصحيح : . إن موسى لما سلم عليه قال له : وأنى بأرضك السلام؟ فقال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل؟ قال : نعم . وقال في أثنائه : يا موسى إني على علم علمنيه الله لا تعلمه ، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه
وأما محمد - صلى الله عليه وسلم - فدعوته عامة لجميع الخلق أسودهم وأحمرهم ، فلا يمكن الخضر وغيره أن يعامل محمدا - صلى الله عليه وسلم - ويخاطبه كما عامل موسى وخاطبه ، بل على كل من أدرك مبعثه أن يؤمن به ويجاهد معه ، ولا يستغني بما عنده عما عنده . وكل من جوز لأحد ممن أدركته دعوة الرسول أن يكون مع محمد كما كان الخضر مع موسى فهو ضال ضلالا مبينا ، بل هو كافر يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل .
ولهذا الخضر بتقدير صحتها ولا في وجوده حيا منفعة للمسلمين ، ولا فائدة لهم في ذلك ، فإنه في المسند والنسائي لم يكن في العلم بحياة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى بيد جابر ورقة من التوراة ، فقال : "أمتهوكون يا عمر بن الخطاب لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لو كان ابن الخطاب؟ موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي" . عن
فإذا كان هذا حال الأمة مع موسى فكيف مع الخضر وأمثاله؟ [ ص: 137 ] والمسيح إذا نزل إنما يحكم في الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها . فليست هذه الأمة محتاجة في شيء من دينها إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ، لا إلى شيء آخر ، ولا إلى غير نبي لا خضر ولا غيره ، فإن الذي يجيئهم إن جاءهم بما علم في الكتاب والسنة لم يحتج إليه فيه ، وإن جاءهم بخلاف ذلك كان مردودا عليه .
ولهذا كان أكثر من يتكلم في هذه الأشياء أهل الضلال والحيرة والتهوك الذين لم يستبينوا طريق الهدى من كتاب الله وسنة رسوله ، بل يتعلقون بالمجهولات ويرجعون إلى الضلالات . ونجد كثيرا منهم يعنون بالخضر الغوث .
(ثم أطال الكلام في تقرير ذلك) . [ ص: 138 ]