مسألة في إجبار البكر البالغ]
من كلام الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية -أيضا- رحمه الله:
قال: قولان للعلماء، هما روايتان عن البكر البالغ في إجبار الأب لها على النكاح أحمد:
أحدهما: تجبر، وهو قول مالك والشافعي.
والثاني: لا تجبر، وهو قول أبي حنيفة، وهو الراجح في الدليل.
وعلى الأول إذا عينت كفوا وعين الأب كفوا آخر، فالاعتبار بتعيينها في أظهر الوجهين من مذهب الشافعي فعلى هذا إذا طلبت من الأب أن يزوجها بكفؤ، واختار الأب أن يزوجها بكفؤ آخر، وجب على الأب أن يزوجها بالكفؤ الذي تختار عند أكثر العلماء، وهو ظاهر مذهب وأحمد. الشافعي وأحمد وغيرهم. وأبي حنيفة
فإن امتنع الأب من تزويجها زوجها إما الحاكم، وإما الولي الأبعد. ففي مذهب الشافعي في إحدى الروايتين يزوجها الحاكم. وفي [ ص: 505 ] مذهب وأحمد أبي حنيفة -في الرواية المشهورة عنه- يزوجها الولي الأبعد. وأحمد
وإذا زوجها الحاكم بالكفؤ الذي اختارته ثم زوجها الأب الآخر بغير إذنها، فنكاح الأب باطل عند عامة العلماء، ونكاح الحاكم نافذ، ليس لحاكم آخر ولا للأب نقضه، بل يجب تسليم المرأة إلى زوجها بمقتضى تزويج الحاكم لها من الكفؤ الذي عينته.
أما على مذهب الشافعي في إحدى الروايتين فظاهر; لأن الولاية للحاكم. وأما على قول من يجعل الولاية لغيره، فلأن الحاكم إذا فعل ما يسوغ فيه الاجتهاد، كان فعله حكما منه في محل الاجتهاد في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب وأحمد وأظهر الوجهين في مذهب أبي حنيفة، وغيره. أحمد
وفيه وجه آخر في مذهب أحمد أنه إذا فعل مختلفا [فيه] فهو كفعل غيره حتى يحكم هو أو حاكم غيره بصحته، فلا يسوغ نقضه حينئذ بالاتفاق. فإذا قال الحاكم في مثل هذا: حكمت بصحة هذا النكاح، نفذ حكمه باتفاق الأئمة، وكذلك إن لم يقل ذلك عند والشافعي: الشافعي وأبي حنيفة في الراجح من مذهبه. والله أعلم. وأحمد
* * *