فصل: وأما الرؤية; فالذي ثبت في « الصحيح» عن ابن عباس أنه قال: رأى محمد ربه بفؤاده مرتين. أنكرت الرؤية، [ ص: 296 ] فمن الناس من جمع بينهما فقال: وعائشة أنكرت رؤية العين، عائشة أثبت رؤية الفؤاد. والألفاظ الثابتة عن وابن عباس هي مطلقة أو مقيدة بالفؤاد، تارة يقول: رأى ابن عباس محمد ربه، وتارة يقول: رأى محمد. ولم يثبت عن لفظ صريح بأنه رآه بعينه. ابن عباس
وكذلك تارة يطلق الرؤية، وتارة يقول: رآه بفؤاده، ولم يقل أحد إنه سمع الإمام أحمد يقول: رآه بعينه، لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين. أحمد
وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل، كما في « صحيح عن مسلم» قال: أبي ذر سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: « نور أنى أراه».
وقد قال تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير [الإسراء: 1]. ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى. [ ص: 297 ]
وكذلك قوله: أفتمارونه على ما يرى [النجم: 12]، لقد رأى من آيات ربه الكبرى ولو كان رآه بعينه لكان ذكر ذلك أولى.
وفي « الصحيحين» عن في قوله: ابن عباس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن [الإسراء: 60] قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به.
وهذه رؤيا الآيات; لأنه أخبر الناس بما رآه بعينه ليلة المعراج، فكان ذلك فتنة لهم حيث صدقه قوم وكذبه قوم، ولم يخبرهم بأنه رأى ربه بعينه، وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك، ولو كان قد وقع ذلك لذكره كما ذكر ما هو دونه.
وقد ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الأمة: أنه إلا ما نازع فيه بعضهم من رؤية نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة. واتفقوا على أن المؤمنين يرون الله يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس والقمر. لا يرى الله أحد في الدنيا بعينه،
* وأما واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله، فإن [ ص: 298 ] علم أنه مات كافرا، جازت لعنته. لعنة المعين
وأما لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته; عبد الله حمار الذي كان يشرب الخمر، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما. مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعا. وهذه المسألة قد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع، ولكن هذا ما وسعته الورقة، والله أعلم.
* * *