وهذا - والله أعلم- معنى كلام قاله بعض السلف والأئمة في الزاني والسارق والشارب: أنه يخرج من الإيمان إلى الإسلام، وأن الإيمان يصير على رأسه مثل الظلة. فإنهم لم يريدوا بذلك الإسلام الظاهر المحض الذي يكون للمنافق المحض، لأن الكلام فيمن هو مقر في باطنه بما جاء من عند الله، لكن ارتكب هذه الكبائر، فعلم أنه يخرج إلى الإسلام الذي يكون معه أصل الإيمان وبعضه، ولكن لا تكون معه حقيقته الواجبة. ويشبه أن يكون إسلام الأعراب من هذا الباب، فإن ولا يكون في قلبه من المحبة ما يوجب صبره على الجهاد، إذ الإسلام هو الدين، والدين هو العمل والخلق، ومثل هذا قد يكون عن علم ويقين وحب، وقد يكون [ ص: 223 ] عن نوع اعتقاد ونوع إرادة. وليس المقصود هنا بسط الكلام في هذا، وإنما الغرض ما يأتي بعد. الإنسان قد يسلم لله حقيقة فينقاد ويستسلم، ومع هذا لا يكون في قلبه من الهدى والعلم ما يمنع ورود الذنب عليه،