وكذلك في ظاهر مذهب إذا اشترى صبرة طعام جزافا، وتمكن من نقله، كان من ضمان المشتري مع أنه لا يجوز له بيعه حتى ينقله، كما في الصحيح عن أحمد،
ابن عمر أنه قال: وفي لفظ : "لقد رأيت الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتاعون جزافا - يعني الطعام - فيضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم". "كنا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتاع الطعام، فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه". نقل هذا وهذا، وكلاهما مذهب فابن عمر مالك في المشهور عنه، فالموجب [ ص: 236 ] للضمان تمكن المشتري من القبض المقصود بالعقد، سواء قبض أو لم يقبض، فإذا لم يكمل الصلاح لم يتمكن من القبض المقصود بالعقد. وأحمد
وكذلك إذا تلفت العين المؤجرة، وإذا اشترى عبدا وقدر على أخذه، فقد تمكن من القبض المقصود بالعقد، وأما بيعه فيعتمد القبض الممكن، فإذا قبض الشجرة والعين المؤجرة فقد قبضها القبض الممكن، وإذا لم ينقل الصبرة لم يقبضها القبض الممكن. وهذا لأن ما أمكن فيه كمال القبض كالصبرة يمكن أن يوقف البيع على كمال القبض فيها، وما لم يمكن فيه ذلك كالثمر والمنفعة، فإنه قد جاز بيعها قبل وجودها للحاجة، فكذلك يجوز بيعها بعد القبض الممكن فيها للحاجة أيضا، لأن الشارع يعتبر الشروط بحسب الإمكان. ألا ترى أنه نهى عن إذ لا حاجة إلى بيعها في هذه الحال، وهو بيع غرر قد يفضي إلى أكل المال بالباطل، وأما بعد بدو الصلاح فهم محتاجون إلى بيعها في هذه الحال، إذ تأخير البيع إلى كمال الصلاح متعذر، فإنه حينئذ قد تتلف وتفسد هي أو بعضها قبل أن تشترى. وما فيه من الخطر جبره الشارع بوضع الجائحة. بيع الثمار قبل بدو صلاحها،
بل هذا قول طائفة من الفقهاء، وخالفهم آخرون، فهو مورد نزاع لم يدل عليه نص ولا قياس صحيح، بل الشارع منع من البيع حيث يكون فيه مفسدة ولا حاجة إليه، وأباحه حيث يحتاج إليه، وأزال ما فيه من المفسدة بما شرعه من الضمان. وليس في الأدلة الشرعية أن ما قبض كان من ضمان المشتري، وما لم يقبض كان من ضمان البائع،