واتفق أيضا أئمة المسلمين على أنه ، ولا يقول : اغفر ذنبي ، أو انصر ديني ، أو انصرني على عدوي ، أو غير ذلك من المسائل ، ولا يشتكي إليه ، ولا يستجير به ، كما يفعله النصارى بمن يصورون التماثيل على صورته ، ويقولون : مقصودنا دعاء أصحاب هذه التماثيل والاستشفاع بهم ، فمثل هذا ليس مشروعا -لا واجبا ولا مستحبا- في دين المسلمين باتفاق المسلمين . ومن فعل ذلك معتقدا أنه يستحب فهو ضال مبتدع . لا يشرع لأحد أن يدعو ميتا ولا غائبا ، فلا يدعوه ولا يسأله حاجة
بخلاف ، كما كان أصحابه يطلبون منه الدعاء ويستشفعون به ويتوسلون بدعائه في حياته ، كما ثبت في صحيح طلب الدعاء والشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - والصالحين البخاري أنه [ ص: 110 ] قال : "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك [بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك] بعم نبينا فاسقنا" ، فيسقون عمر بن الخطاب . عن
وقد ثبت في الصحيحين حديث أنس . لما توسلوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واستشفعوا به ، فطلبوا منه أن يدعو لهم ، حين قال له الأعرابي : جهدت الأنفس وجاع العيال وهلك المال ، فادع الله لنا ، فدعا الله لهم ، فأمطروا سبتا . ثم شكوا إليه بهدم الأبنية وانقطاع الطرق ، وسألوه أن يدعو الله بكشفها عنهم ، فدعاه ، فكشفها عنهم
وكذلك يوم القيامة يتوسل به أهل الموقف ويستشفعون به ، فيشفع لهم إلى ربه أن يقضي بينهم . ثم يشفع شفاعة أخرى لأهل الكبائر من أمته ، ويشفع في أن يخرج الله من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، كما استفاضت بذلك الأحاديث الصحيحة .
ولما مات - صلى الله عليه وسلم - توسلوا بدعاء عمه ، ولم يتوسلوا به بعد موته ، فإنهم إنما كانوا يتوسلون بدعائه في حياته ، وذلك ينقطع بموته ، فتوسلوا بدعاء العباس . العباس
وكذلك استشفع في معاوية بن أبي سفيان الشام وتوسل بيزيد ابن الأسود الجرشي ، وقال : "اللهم إنا نتوسل إليك بخيارنا ، يا ارفع يديك" ، فرفع يديه فدعا ودعا الناس ، حتى نزل المطر . يزيد!