وقد نقل الشيخ محيي الدين النووي وأفتى به وصححه - رحمه الله - ذهابا إلى سد هذه الثغرة وحسم مادة هذه البلية العظيمة. تحريم النظر إلى الأمرد الحسن بشهوة وبغير شهوة،
فإن كان هذا السائل كما زعم ممن لا يدنس عشقه بزنا، ولا [ ص: 186 ] يصحبه بخنا، فينظر في حاله، إن كان من الطبقة الأولى فقد ذكر شروطهم فيما يتعلق بالكتمان حتى عن المحبوب، وإن كان كافيا لهم إن صدقت دعواهم. وإن كان من الطبقة الثانية فلا بأس بشكواه إلى محبوبه كي يرق عليه ويرحمه. وإن غلبه الحال فالتحق بالثالثة أبيح له ما ذكرنا، بشرط أن لا يكون أنموذجا لفعل القبيح المحرم، فيلتحق بالكبائر، فيستحق القتل عند ذلك، ويزول عنه العذر، ويحق عليه كلمة العذاب، حقت كلمة العذاب على الكافرين .
وأما ما يتعلق بالمعشوق فيجب عليه إدامة حمد الله وشكره على ما أعطاه من الجمال والحسن، ويحرص أن لا يجتمع مع حسنه قبيح الفعال، ولا يدنس جماله بخسيس الخصال. فإن ظهر له من محبة هذا صدق دعواه، وفهم سلوك طريق المحبة من نجواه، فعامله المعاملة الجميلة، وأباح له النظر والمحادثة المذكورة، والقبلة في الأحيان بالشروط المتقدمة، مع أن هذا يكون تفضلا منه فلا يجب عليه، فإن خست نفس العاشق وجنحت إلى الفسق الصراح هجره، وما عليه في ذلك من جناح، وإن قتله بعشقه فليقتله، فهذا بعض حقه. والله أعلم بالصواب، وعنده علم الكتاب. آخره، والله سبحانه وتعالى أعلم.