والقسم الثاني قالوا: لأن في تركها ما يؤدي إلى هلاك النفس، والقبلة صغيرة، وهلاك النفس كبيرة، وإذا وقع الإنسان في مرضين خطرين داوى أخطرهما، ولا خطر أعظم من قتل النفس، حتى أوجبوا على المحبوب مطاوعته على ذلك إذا علم أن تركه ذلك يؤدي إلى هلاكه، أباحوا لمن وصل إلى حد يخاف على نفسه منه- القبلة في الحين قد غلبه نفسه وقهره قوته. وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ، قالوا: إن سبب نزولها أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني أصبت من امرأة أجنبية كل شيء إلا النكاح، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: قد غفر الله لك. فنزلت هذه الآية . واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:
وبقول الله تعالى: والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون . [ ص: 185 ]
إلا أنهم كما قال بعض السلف: ما رأيت شيئا أشبه باللمم من قول أبي هريرة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: . "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطا، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه"
وهذه النصوص واردة في حق النساء، وهذا السؤال عن الرجال، لأن أولئك القوم في الزمن الأول لم يكن للغلمان عندهم قدر يهوون من أجله، أما الآن فقد زادوا على الحد، وازدادوا على أولئك في الحد، وهم الفتنة موجودة، وقد نهى الله عز وجل عن إرسال النظر، فقال تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم حسما لهذه المادة، "النظرة الأولى لك، والثانية عليك" لعلي: . حتى قيل: "رب حرب حميت من لفظه، ورب عشق غرس من لحظه". وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -