وقد تقدم في "المدونة" : أن وكذلك قال الأم أحق بها ما لم تنكح، وإن [ ص: 424 ] بلغت أربعين سنة. في البكر، قال: الأب أحق بها مأمونة كانت أو غير مأمونة، والثيب هي أحق بنفسها إذا كانت مأمونة. وقال أبو حنيفة هي أحق بنفسها إذا كانت مأمونة، بكرا كانت أو ثيبا. الشافعي:
وفي مذهب ثلاثة أقوال ذكرها في "المحرر" روايتين ووجها: أحمد
أحدها: أنها تكون عند الأب حتى تتزوج ويدخل بها الزوج.
وهذا هو الذي نصره القاضي وغيره في كتبهم، وقالوا: إن الجارية إذا بلغت وكانت بكرا فعليها أن تكون مع أبيها، حتى تتزوج ويدخل بها الزوج. ولم يذكروا فيه نزاعا.
والرواية الثانية عن أحمد: تكون عند الأم. وهذه الرواية إنما أخذها الشيخ أبو البركات من الرواية المتقدمة أن حضانتها تكون للأم ما لم تتزوج، فإنه على هذه الرواية نقل عن فيها روايتين، فإن أحمد قال في تلك الرواية: الأم والجدة أحق بالجارية ما لم تتزوج. أحمد
فجعلها أحق بها ما لم تتزوج في رواية مهنأ. وقال في رواية ابن منصور: يقضى بالجارية للأم والخالة، حتى إذا احتاجت إلى التزويج فالأب أحق بها. فهنا قال عند الحاجة إلى التزويج للأب، وإن كانت لم تتزوج بعد، وهذا يكون بالبلوغ.
وأما القول الثالث في مذهبه وهو أنها إذا بلغت تكون حيث شاءت كالغلام، فهذا يجيء على قول من يخيرها كما يخير الغلام. فمن خير الغلام قبل بلوغه كان أمره بعد البلوغ إلى نفسه، كما قاله [ ص: 425 ] الشافعي وغيرهما. لكن وأحمد أبو البركات حكى هذه الأقوال الثلاثة في "محرره" في البالغة، وهي مطابقة للأقوال الثلاثة التي ذكرناها في غير البالغة، فإنه على المشهور عند أصحاب أنها إذا كانت قبل البلوغ عند الأب فهي بعد البلوغ أولى أن تكون عند الأب منها عند الأم، فإن أحمد أبا حنيفة في رواية وأحمد يجعلونها قبل البلوغ للأم، وبعد البلوغ جعلوها عند الأب. وهذا يدل على أن الأب أحفظ لها وأصون وأنظر في مصلحتها، فإذا كان كذلك فلا فرق بين ما قبل البلوغ وما بعده في ذلك. ومالكا
فتبين أن هذا القول -وهو جعل البنت المميزة عند الأب- أرجح من غيره. والله أعلم.