وبالجملة فليس ليوم عيدهم مزية على غيره، ولا يفعل فيه شيء [ ص: 376 ] مما يميزونه هم به. ولكن لو صامه الرجل قصدا لمخالفتهم فقد كرهه كثير من العلماء، كما روي عن أنس بن مالك والحسن البصري وغيرهم رضي الله عنهم، لأن في وأحمد بن حنبل فكيف إذا كان التعظيم من جنس ما يفعلونه؟ تخصيص أعياد الكفار بالصوم نوع تعظيم لها، وإن كانوا هم لا يصومونه،
ألا ترى أن اليهود كانوا يتخذون يوم عاشوراء عيدا، فيصومونه ويظهرون السرور فيه، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيامه مرة واحدة قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان سقط وجوبه وبقي صومه مستحبا. ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له: إن اليهود والنصارى يتخذونه عيدا قال: . فقال أكثر أهل العلم: مراده صوم التاسع والعاشر، لئلا يخص يوم عاشوراء بالصوم، كما نهى عن "لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع" ، وكان يقول: إفراد يوم الجمعة بالصوم . وهو - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا في عاشوراء بعد أن كان أمر بصيامه ليخالف اليهود، ولا يشاركهم في إفراد تعظيمه. "صوموا يوما قبله أو يوما بعده"
هذا مع أن عاشوراء لم يشرع فيه غير الصوم باتفاق علماء المسلمين، فكل ما يفعل فيه غير ذلك من الاختضاب والكحل والتزين والاغتسال والتوسع على العيال غير العادة فيه من حبوب أو غيرها هو من البدع المحدثة في الدين، لم يستحبها أحد من العلماء [ ص: 377 ] ولا السلف، بل كل ما روي فيها من الأحاديث المرفوعة فهي أحاديث موضوعة.
فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كره نوعا من التشبه بهم في عاشوراء، فكيف بالمياليد والشعانين والخميس وغير ذلك من أعياد الكافرين؟ وقد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل خصائص عيدهم، وقال بعضهم: من ذبح فيه بطيخة فكأنما ذبح خنزيرا.
فالواجب على ولاة الأمور نهي الناس عن هذه المنكرات المحرمة، وأمرهم بملازمة شعائر الإسلام الذي لا يقبل الله غيره، فـ إن الدين عند الله الإسلام ، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين . آخرها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم) . [ ص: 378 ]