قلت: للعلماء في أن يزيد على أربعة دنانير؟ [قولان] ، وهذه إحدى الروايتين عن الجزية هل هي مقدرة بالشرع أو باجتهاد الإمام وهي مذهب أحمد، عطاء والثوري ومحمد بن الحسن وأبي عبيد وغيرهم.
قال: واتفقوا أنه لا ينفل من ساق مغنما أكثر من ربعه في الدخول، ولا أكثر من ثلثه في الخروج.
قلت: في جواز تنفيل ما زاد على ذلك إذا اشترطه الإمام، مثل أن يقول: من فعل كذا فله نصف ما يغنم، قولان هما روايتان عن وأما تنفيل الزيادة بلا شرط فلا أعلم فيه نزاعا، ويمكن أن يحمل كلام أحمد. على هذا، فلا يكون فيما ذكره نزاع. أبي محمد ابن حزم
قال: واتفقوا أن الحر البالغ العاقل الذي ليس بسكران، إذا أمن [ ص: 337 ] أهل الكتاب الحربيين على أداء الجزية على الشروط التي قدمنا أو على الجلاء، أو أمن سائر الكفار على الجلاء بأنفسهم وعيالهم وذراريهم، وترك بلادهم، واللحاق بأرض حرب أخرى، لا بأرض ذمة ولا بأرض إسلام، أن ذلك لازم لأمير المؤمنين ولجميع المسلمين حيث كانوا.
قلت: ظاهر مذهب أنه الشافعي وهذا هو المشهور عند أصحاب لا يصح عقد الذمة إلا من الإمام أو نائبه. وفيه وجه في المذهبين أنها تصح من كل مسلم كما ذكره أحمد، ابن حزم.
قال: واتفقوا أن أولاد أهل الجزية ومن تناسل منهم، فإن الحكم الذي عقده أجدادهم -وإن بعدوا- جار على هؤلاء لا يحتاج إلى تجديده مع من حدث منهم.
قلت: هذا هو قول الجمهور، ولأصحاب وجهان: أحدهما يستأنف له العقد، وهذا منصوص الشافعي، والثاني لا يحتاج إلى استئناف عقد، كقول الجمهور. الشافعي
قال: واتفقوا على أنه لا يجوز أن يكون على المسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان، لا متفقان ولا مفترقان، لا في مكانين ولا في مكان واحد.
قلت: النزاع في ذلك معروف بين المتكلمين في هذه المسألة، كأهل الكلام والنظر، فمذهب الكرامية وغيرهم جواز ذلك، وأن كان إماما عليا كان إماما. وأما أئمة الفقهاء فمذهبهم أن كلا منهما ينفذ حكمه في أهل ولايته كما ينفذ حكم الإمام الواحد. وأما جواز العقد لهما ابتداء فهذا لا يفعل مع اتفاق الأمة، وأما مع تفرقتها فلم يعقد كل من الطائفتين لإمامين، ولكن كل طائفة إما أن تسالم [ ص: 338 ] الأخرى، وإما أن تحاربها، والمسالمة خير من محاربة يزيد ضررها على ضرر المسألة. وهذا مما تختلف فيه الآراء والأهواء. ومعاوية
قال: واتفقوا أنه إذا كان الإمام من ولد وكان عدلا، ولم يتقدم بيعته بيعة أخرى لإنسان حي، وقام عليه من دونه، أن قتال الآخر واجب. علي،
قلت: ليس للأئمة في هذه بعينها كلام ينقل عنهم، ولا وقع هذا في الإسلام، إلا أن يكون في قصة علي ومعلوم أن أكثر علماء الصحابة لم يروا القتال مع واحد منهما، وهو قول جمهور أهل السنة والحديث، وجمهور ومعاوية. أهل المدينة والبصرة، وكثير من أهل الشام ومصر والكوفة وغيرهم من السلف والخلف.
وقد قال: إنما أدخلنا هذا الاتفاق على جوازه لخلاف الزيدية، هل تجوز إمامة غير علوي أم لا؟ وإن كنا مخطئين لهم في ذلك ومعتقدين صحة بطلان هذا القول، وأن الإمامة لا تتعدى فهر بن مالك، وأنها جائزة في جميع أفخاذهم، ولكن لم يكن بد في صفة الإجماع الجاري عند الكل مما ذكرنا.
قلت: قد ذكر هو أنه لا يذكر إلا خلاف أهل الفقه والحديث دون المعتزلة والخوارج والرافضة ونحوهم. فلا معنى لإدخال الزيدية في الخلاف وفتح هذا الباب، فقد ذكر في كتابه "الملل والنحل" نزاعا في ذلك، وأن طائفة ادعت النص على وطائفة ادعت النص على العباس، عمر.
قال: واتفقوا أن من خالف الإجماع المتيقن بعد علمه بأنه إجماع فإنه كافر. [ ص: 339 ]
قلت: في ذلك نزاع مشهور بين الفقهاء.
قال: واتفقوا أن السمن إذا وقع فيه فأر أو فأرة، فمات أو ماتت وهو مائع، أنه لا يؤكل.
قلت: هذا فيه نزاع معروف، فمذهب طائفة أنه يلقى ما قرب منها ويؤكل، سواء كان جامدا أو مائعا. قال في صحيحه : باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب. حدثنا البخاري حدثنا الحميدي سفيان حدثنا أخبرني الزهري عبيد الله بن [عبد الله بن] عتبة أنه سمع يحدث عن ابن عباس ميمونة قيل أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها فقال: "ألقوها وما حولها، وكلوه". لسفيان: فإن يحدثه عن معمرا عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: سمعت أبي هريرة، يقوله عن الزهري عبيد الله عن عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقد سمعته منه مرارا. ميمونة
حدثنا عبدان حدثنا عن عبد الله -يعني ابن المبارك- يونس عن الزهري: عن حديث عن الدابة تموت في الزيت والسمن وهو جامد أو غير جامد، الفأرة أو غيرها. قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب فطرح، ثم أكل. عبيد الله بن عبد الله. ثم رواه من طريق كما رواه من طريق مالك ابن عيينة.
وهذا الحديث رواه عن كما رواه الزهري بسنده ولفظه. ابن عيينة
وأما فاضطرب فيه في سنده ولفظه، فرواه تارة عن معمر عن ابن المسيب وقال فيه: أبي هريرة، وقيل عنه: "إن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن [ ص: 340 ] كان مائعا فلا تقربوه". "وإن كان مائعا فاستصحبوا به". واضطرب عن فيه. معمر
وظن طائفة من العلماء أن حديث محفوظ، فعملوا به، وممن ثبته معمر فيما جمعه من حديث محمد بن يحيى الذهلي الزهري.
وأما البخاري وغيرهما فعللوا حديث والترمذي وبينوا غلطه، والصواب معهم . فذكر معمر هنا عن البخاري أنه قال: سمعته من ابن عيينة مرارا لا يرويه إلا عن الزهري عبيد الله بن عبد الله، وليس في لفظه إلا قوله وكذلك رواه "ألقوها وما حولها وكلوا"، وغيره. وذكر من حديث مالك يونس أن الزهري فهذه فتيا سئل عن الدابة تموت في السمن الجامد وغير الجامد، فأفتى بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح. في الجامد وغير الجامد، فكيف يكون قد روى في هذا الحديث استواء حكم النوعين بالحديث، ورواه بالمعنى فقال: الزهري "وأمر أن يطرح وما قرب منها"؟.
وروى صالح بن أحمد في "مسائله" عن قال: حدثنا أبي حدثنا أحمد إسماعيل حدثنا عن عمارة بن أبي حفصة أن عكرمة سئل عن فأرة ماتت في سمن، قال: تؤخذ الفأرة وما حولها. ابن عباس
قلت: يا مولاي! فإن أثرها كان في السمن كله، قال: عضضت بهن أبيك! إنما كان أثرها في السمن وهي حية، وإنما ماتت حيث وجدت.
ثم قال: حدثنا أبي حدثنا حدثنا عن وكيع عن النضر بن عربي قال: جاء رجل إلى عكرمة فسأله عن جر فيه زيت وقع [ ص: 341 ] فيه جرو، فقال: خذه وما حوله، فألقه وكله. ابن عباس،
وروي نحو ذلك عن -وهو إحدى الروايتين عن ابن مسعود وإحدى الروايتين عن أحمد أن الكثير من الطعام والشراب المائع لا ينجسه يسير النجاسة، بل هو كالماء. مالك-
قال أبو محمد: واختلفوا في بيعه والانتفاع به، واختلفوا في المائعات وفي السمن الجامد وفي كل شيء جامد.