وقد فسر طائفة من السلف قوله: وسبح بحمد ربك حين تقوم بالتسبيح بالكلام ، وذكروا أنواعا: فروى التسبيح عند افتتاح الصلاة، والتسبيح عند القيام من المجلس، ابن أبي حاتم عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص: وسبح بحمد ربك حين تقوم قال: إذا أراد أن يقوم الرجل من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك. هكذا رواه ورواه وكيع، أبو نعيم وقبيصة فقالا: يقول سبحان الله وبحمده.
وعن عن ابن أبي نجيح "حين تقوم" قال: من كل مجلس. مجاهد:
وعن طلحة عن عطاء: حين تقوم من كل مجلس، إن كنت أحسنت ازددت خيرا، وإن كان غير ذلك كان هذا كفارة له.
وقال طائفة: حين تقوم إلى الصلاة، وكذلك قال حين تقوم إلى الصلاة المفروضة، وكذلك قال الضحاك: ابن زيد: إذا قام إلى الصلاة من [ ص: 294 ] ليل أو نهار، وفي رواية جويبر عن قال: هو قول الرجل إذا استفتح الصلاة "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك". وقال الضحاك حين تقوم من منامك من فراشك. وعلى هذا فهو أمر بالصلاة إذا قام من فراشه من قائلة النهار، فهو أمر بصلاة الظهر والعصر. أبو الجوزاء:
وإدبار النجوم فسرها طائفة بركعتي الفجر ، وروى عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح مجاهد: "وإدبار النجوم" قال هو التسبيح أدبار الصلاة. ابن عباس:
قلت: لعل هذا تفسير لقوله وأدبار السجود ، فإنه أنسب.
وقد روي عن طائفة من السلف أن "أدبار السجود" الركعتان بعد المغرب، و"إدبار النجوم" ركعتا الفجر، فإحداهما تشتبه بالأخرى. فقوله ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ، إذا فسر هذا بالتسبيح دبر الصلاة كان اللفظ دالا على هذا. والسلف الذين فسروها بهذا كأنهم -والله أعلم- أرادوا أن أول ما يكتب في صحيفة النهار ركعتا الفجر، وآخر ما يرفع ركعتا المغرب، فقد روي أنهما ترفعان مع عمل النهار.
قلت: ولفظ التسبيح يتناول هذا كله، منه واجب ومنه مستحب.
(آخره، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا) .